نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب عبداللطيف الزبيدى تناول فيه أن استخدام عناصر البيئة الطبيعية المحيطة بنا من أفضل السبل لتحفيز التفكير العلمى وتغذية الخيال لدى الأطفال، وذلك عن طريق إجراء نقاشات تتناسب مع سن الطفل أو الطفلة وتسمح بإثارة التساؤل والتفكير والتأمل لديهم... نعرض من المقال ما يلى.
هل عرفت الآن متى يجب أن تبدأ التربية العلمية للأطفال؟ الحديث الآن عن أفضل السبل إلى تحفيز التفكير العلمى لدى الصغار. بيئة الطبيعة
رائعة، فهى تعشق المرح والدعابة، لكن اللعب عندها ليس لهوا بلا معنى ولا غاية. كل لعبة لها متعة ووراءها أهداف استراتيجية. لعلها تذكّرك بقول الطغرائى: «حلو الفكاهة مرّ الجدّ قد مزجت.. بقسوة البأس منه رقّة الغزلِ».
المهم منذ البداية هو تطبيق الأساليب العلمية مع الأطفال: المقارنة، الاستدلال، الإثبات. من الأفضل تجنّب عرض الأشياء على طريقة الأوامر التعليميّة والنصائح المتعالية. فى الطبيعة والكون بدائع تنمّى التفكير العلمى وتشحذه وتغذى الخيال وتُوسِّع آفاقه، وفوق ذلك تجعل الإيمان مشرقا فى الأذهان.
هل ترى تلك الشمس؟ إنها تنير حياتنا مجّانا. حمدا لله على إعفائنا من دفع الفاتورة. هل سألت نفسك مرة: ماذا لو أرادت الشمس أن تطالب الأرض بتسديد فاتورة الكهرباء؟ نحتاج إلى بضع عمليات حسابية: الشمس تستوعب فى حجمها مليون كرة أرضية، ولكى تنير تستهلك فى كل ثانية ستمئة مليون طن من الهيدروجين. هل تدرك كم يعادل هذا الرقم من ليترات البنزين. يساوى 6.4 مليون تريليون لتر بنزين، أى تقريبا نصف مياه محيطات الأرض وبحارها. معنى هذا أن مياه جميع البحار لو صارت بنزينا فإنها تكفى لإنارة مصباح الشمس لمدة ثانيتين فقط، ونغرق بعد ذلك فى الظلام الدامس. ما أجمل الآية التى تكررت مرّتين فى القرآن الكريم فى سورتين («إبراهيم» و«النحل»)، «وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها». ثمن ذلك البنزين بسعره فى الإمارات اليوم قرابة عشرين مليون تريليون درهم، أى عشرين مليار مليار درهم، أى أن الشمس تستهلك فى ثانية واحدة ما يعادل اقتصاد أمريكا فى عام، ثلاثمائة ألف مرة. شمسنا هذه ليست كبيرة جدّا قياسا على الشموس العملاقة فى الكون. هى بالنسبة إلى الشموس العظمى مثل الشمعة أمام كل مصابيح مدن كثيرة لو جمعت فى مصباح واحد.
هذه الصورة فضفاضة يمكن اختزالها واختصارها إلى حد الأدنى، أو التوسع فيها بما يتناسب مع السن ومستوى التلقى والاستيعاب. دائما يجب أن يعلم المربّى أكثر ممّا يحتاج إلى عرضه. القاعدة هى جعل الصغير يسأل ويتطلع ويندهش، ويحبّ الاكتشاف والاطلاع، وحتى عندما لا تجتذبه الأشياء يجب دفعه إلى الاستفهام، فالأسئلة أساس المعرفة.
لزوم ما يلزم: النتيجة القياسية: مثال الشمس نموذج لتنمية حب الاطلاع والافتتان بالمحيط الذى كله سحر وعجائب.