مرة أخرى نحن نشاهد "نورماندي تو" و نتابع النزول الآمن لكلمة "الأسطى حنفي " على الأرض ، بعد أن حلف بكل غال و نفيس أن كلمته لا تنزل الأرض أبدا ، لنصحو على النهاية الساخرة لفيلم التمويل الهابط ، بخروج المتهمين الأمريكيين من القضية سالمين ، ولا الشعرة من العجين .
من حقك أن تسأل : أين اختفت أصوات الكومبارس و المجاميع التي كانت تزأر بصيحات الحرب، و تدعونا للجهاد من أجل العزة و الكرامة و السيادة و البيادة ؟
أين ذهبت حملات "لا للمعونة" و أغاني فايزة و نجاة و ألحان كمال الـ "طويل البقاء في السلطة" ، و كلمات القابضين على جمر الخدمة تحت أقدام كل من يجلس على العرش؟
ماذا سيقولون الآن بعد أن خرج وزير الخارجية السعودي ليعلن على الملأ سقوط نظرية أن العرب يشاركون في مؤامرة كونية لخنق مصر اقتصاديا ، و يقول بملء الفم إن حكامنا تلقوا 500 مليون دولار من السعودية ، و جاري ضخ ثلاثة آلاف مليون أخرى ، لافتا إلى أن التأخير ناتج عن الارتباك الضارب في أطناب الحكومة المصرية السعيدة؟
لقد كان السؤال أمس : ماذا جرى في كواليس السياسة لكي يجري الشيخ حسان هذا التعديل الكبير على مبادرته الخاصة بالاستغناء عن المعونة لتتحول إلى " تسوق في بورسعيد "
و هاهي الإجابات تنهمر سريعا ، دون أن تترك لنا الفرصة للتفكير فيها ، حيث قرر المخرج ضغط حلقات مسلسل "وا مصراه" لأسباب مجهولة ، ربما لمشاكل في الإنتاج ، أو للحاق بالموسم قبل أن ينصرف الجمهور .
إن من حق المصريين أن يعرفوا لماذا سافر المتهمون الأمريكيون بهذه السلاسة ، و متى سافروا ، و لماذا جرى استثناؤهم في قضية الموسم ؟
لقد جرت واقعة شديدة السخرية قبل إطلاق سراح الأمريكان المتهمين بالضلوع في مؤامرة كوزموبوليتانية على مصر ، حين فوجي أحد شباب الثورة المحترمين و هو الناشط السياسي رامي شعث في مطار القاهرة بأنه ممنوع من السفر ، و كل تهمته أن توجه إلى نيابة أمن الدولة بمبادرة منه عندما قرأ أن بعض "المواطنين الشرفاء" تقدموا ببلاغات ضده بتهمة التحريض على الإضراب ، و قد جرى إخلاء سبيله من النيابة بلا ضمان ، و لم يبلغ بأنه ممنوع من السفر ، حتى فوجئ بهذا الأمر في المطار !
و هنا تفرض المقارنة نفسها : لماذا هذه النعومة مع الأمريكيين – بافتراض أن القضية حقيقية – بينما يعامل المواطنون المصريون بأقصى درجات الشدة و الصرامة ؟
و هل هي الصدفة وحدها التي تربط بين تصريحات سعود الفيصل و سفر الأمريكيين المتهمين و الإعلان عن إحياء مشروع الجسر الرابط بين مصر و السعودية ، في سياق زمني واحد؟
لقد قيل كلام كثير أيام المخلوع عن خطورة هذا الجسر على الأمن القومي المصري ، و قالوا لنا وقتها أن حكمة السيد الرئيس أوقفت العمل في هذا المشروع الخطير ، فماذا جرى ؟
هل أصبح الجسر جميلا و مفيدا فجأة ، أم أن أمننا القومي يتبدل و يتغير مع تغير الحاكم؟
غير أن السؤال الأهم : أين فايزة أبو النجا من كل ذلك ؟
إنها مشغولة بالحديث عن جدول امتحانات الثانوية العامة ، و متحدثة باسم وزير التربية و التعليم الآن!