«كورونا».. وصمة عار مضاعفة على النساء - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 1:33 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«كورونا».. وصمة عار مضاعفة على النساء

نشر فى : الخميس 2 أبريل 2020 - 10:30 م | آخر تحديث : الخميس 2 أبريل 2020 - 10:30 م

نشر موقع درج مقالا للكاتبة «ميريام سويدان» تناولت فيه القيود الإضافية التى وضعت على المرأة فى ظل أزمة كورونا فى المجتمع العربى، وأن الشكوى من الحجر المنزلى هو ما تعيشه أغلب نساء المجتمع العربى كل يوم.. نعرض منه ما يلى.

يملك العقل العربى قدرة خارقة على تحويل كل شيء إلى عار. وآخر إبداعاته كان اعتبار الإصابة بفيروس«كورونا» عيبا، وإلحاق المُصاب بوصمة عار، قد ترافقه حتى بعد استعادة عافيته، وربما حتى بعد انتهاء الأزمة الصحية العالمية.
وشم «العار» الذى يصاحب كل مُصاب، نشهده فى معظم الدول العربية. فنرى المصابين يُنبذون اجتماعيا، باعتبارهم «خاطفى أرواح». مقابل رد فعل خلقه هذا النبذ لدى المُصاب، الذى بات أحيانا يخفى حقيقة إصابته، أو يتردد فى المجاهرة بإجرائه فحصا طبيا لـ«كورونا»، حتى وإن كانت النتيجة سلبية.
صحيح أن الفيروس سريع الانتشار والإصابة به سهلة وسريعة، إلا أن هذا يستدعى حجر المُصاب وتلقيه العلاج اللازم حتى يُشفى. ولا يتطلّب فعليا التعاطى معه على أنه رمز للموت. لكن بعض العرب سبق أن تعاملوا مع حاملى فايروس «الأيدز» بالطريقة نفسها. فاعتبروه «نكرة»، كون إحدى طرائق نقل العدوى من شخص إلى آخر هى العلاقة الجنسية، التى تعيّبها المجتمعات العربية. لكن فيروس «كورونا» ينتقل ببساطة فى الهواء، أو عبر لمس الأسطح التى يركد عليها. أى أنه قد يصيب شخصا لمس تفاحةً يقضمها وهو يستلقى على الكنبة فى بيته، لمجرد أنّ مصابا لمسها قبله فى متجر البقالة.
هذا العار يتضاعف، كما غيره، على المرأة فى المجتمعات العربية. فانتشر أخيرا خبر منع بعض العراقيين السلطات من فرض حَجر صحى على الفتيات والنساء المصابات بفيروس «كورونا»، باعتبار أن مبيت المرأة خارج منزل ذويها «معيب».
فأجبرت إحدى النساء العراقيات، التى أثبتت نتائج الفحوص المختبرية إصابتها بـ«كورونا»، على العودة إلى بيتها والمبيت مع أفراد أسرتها فى بيت واحد. بعدما تشاجر ذووها مع الكوادر الطبية فى المستشفى ورفضوا حجرها، لأنه «مغاير لعادات عشيرتهم وتقاليدها» التى لا تسمح للنساء المبيت فى أماكن بعيدة من الأهل من دون مرافق.
وهنا يبدو أننا أمام جائحتين. الأولى هى «كورونا»، والثانية هى الجهل، الذى لا يقدّر حجم هذا الوباء، إذ لا يسلم الفيروس من معتقدات المجتمع البالية.
من جهة أخرى، فإن الحَجر المنزلى، الذى يتذمّر منه الآلاف، هو حياة بعض النساء الطبيعة. فالنساء فى دول خليجية مثلا، وتحديدا فى السعودية، عشن فى الحَجر حتى قبل وصول «كورونا»، بسبب نظام الولاية المطبّق فى بلادهن، أو بسبب الاعتقال التعسفى لناشطات وحقوقيات.
وبينما يشارك الناس حول العالم تجاربهم مع الحجر المنزلى على مواقع التواصل الاجتماعى باعتبارها حالة غريبة وغير مسبوقة، وجدوا أنفسهم فيها فجأة، هناك من اعتدن هذه الحياة، ولم تكن ظروف العزل غريبة عليهن، وقد تصطحب أحيانا عنفا أسريا. ففى لبنان مثلا، ارتفعت نسبة التبليغ عن العنف الأسرى خلال شهر مارس 2020 بنسبة 100% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضى، وسجّل الخط الساخن أكثر من 88 شكوى خلال شهر واحد!
من جهة أخرى، شغل نقاش الحجر المنزلى مواقع التواصل الاجتماعى السعودية فى الأيام الأخيرة، بعدما غرّد أحد الرجال على «تويتر» على سبيل النكتة قائلا، «البنات صاحوا بالمساواة لحد ما جلسنا بالبيت كلنا». إلا أن التغريدة لاقت انتشارا واسعا، وتحوّلت إلى سجال حقوقى ــ نسوى شارك فيه رجال ونساء فى السعودية وغيرها من دول الخليج.
إذًا، بينما نستلقى على كنباتنا فى البيوت، نحصى عدد الوجبات التى أكلناها يوميا ونتذمّر من ملل الحَجر المنزلى. هناك نساء يعشن هذه الحياة قبل انتشار الفايروس، وما «كورونا» إلا ضيفا ثقيلا عليهن، يصحب معه ضغطا نفسيا إضافيا، أو حتى عنفا أسريا. أما فى حال الإصابة، فسيزيدهن الوباء «عارا».

التعليقات