جمهورية مصر المرتبكة - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:03 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جمهورية مصر المرتبكة

نشر فى : الجمعة 2 نوفمبر 2012 - 7:50 ص | آخر تحديث : الجمعة 2 نوفمبر 2012 - 7:50 ص

ما جرى فى قرار إغلاق المحال عند العاشرة مساء، يصلح نموذجا لتجسيد حالة الارتباك والتلعثم التى تسيطر على صناعة القرار السياسى فى مصر.

 

القرار صدر ضاربا عرض الحائط بكل تحفظات واعتراضات مختلف فئات المجتمع، ثم بدت الحكومة أشد إصرارا على سريان تطبيقه من السبت 3 نوفمبر ، ثم فى غمضة عين تم التراجع عنه أو إرجاؤه أو دفنه مؤقتا فى الأدراج، بحجة الانتهاء من اللائحة وإقرارها.

 

الوزير المسئول صاحب هذا القرار العجيب بدا هصورا وجسورا فى التمسك بتنفيذ القرار، وارتكب فعلا مع المذيعة المحترمة «ريم ماجد» على الهواء مباشرة لا يليق بمسئول بدرجة وزير للتنمية المحلية فى الدولة، حيث هرب الوزير من المناقشة والرد على الاعتراضات بالحجة والمنطق، ولم يترك الفرصة للإعلامية المهذبة كى تطرح سؤالها بكل هدوء وأغلق الخط فى وجهها ولاذ بالفرار، ليظهر صوته بعدها فى قناة الحياة معلنا سحب القرار أو تأجيله أو مواراته الثرى لحين إشعار آخر.

 

إن التسرع فى فرض القرار والتراجع عنه يكشف عن عشوائية تضرب بجذورها فى منظومة الحكم الحالية، ويأتى فى سياق سلسلة من القرارات المفاجئة غير المدروسة التى صدرت وتجمدت، الأمر الذى يسهم فى زعزعة الثقة فى مصداقيتها من ناحية، ويكشف إلى حد ما، إلى ماتفتقده الحكومة الحالية ــ بتركيبتها العجيبة المتناقضة ــ إلى الجدارة والكفاءة لكى تدير شئون مصر.

 

إن أحدا لا يرفض أن تدخل مصر عصر المواعيد والتنظيم، كما هو الحال فى كل دول العالم المحترمة، لكن هل فكر أحد فى أن قطاعا كبيرا من المصريين يستعينون على أعباء الحياة بالاشتغال فى مهنة أخرى بعد انتهاء مواعيد العمل فى مهنهم الأصلية؟ وهل تدبر أحد فى حالة الخواء الأمنى التى لا يسدها إلا بقاء مصر ساهرة ومضيئة بأهلها العاملين ليلا؟

 

لقد بحت الأصوات تحذر من أن وجود عناصر فى الحكومة الحالية تنتمى إلى الماضى أكثر مما تعبر عن المستقبل من شأنه أن يدخل نظام الرئيس مرسى فى مطبات ومنعطفات عنيفة، دون أن يلتفت لذلك أحد، وهو ما يشير إلى أن الرئيس يبدو معزولا عما يمور به المجتمع من تفاعلات غاضبة واحتجاجات صاخبة على ما يجرى.

 

و لا أحد يدرى ما إذا كان الرئيس يتابع بنفسه ما يدور من جدل فى المجتمع ، أم أنهم أقاموا جدارا عازلا ــ مبكرا جدا ــ بينه وبين الجماهير ، يجعله يرى الصورة وردية، على غير حقيقتها؟

 

وبهذه المناسبة.. هل يعلم الدكتور مرسى مصير قراره الرئاسى بإعفاء المزارعين من ديونهم للبنك الزراعى التى لا تزيد على عشرة آلاف جنيه؟

 

هل يعلم الرئيس أن بعض صغار المزارعين المقترضين حين ذهبوا إلى البنك لتسوية مديونياتهم فوجئوا بمن يقول لهم «لا تصدقوا هذا القرار الرئاسى»؟

 

وهل يعلم الرئيس حجم الغضب من مظاهر التأمين المبالغ فيها حد الاستفزاز كلما زار مكانا فى مصر؟

 

إن الرئيس يبدو مستسلما لحضن الدولة القديمة على نحو يحجب عنه رؤية الواقع كما هو.. وهنا مكمن الخطر ، ليس على الرئيس فقط، وإنما على الدولة كما حلمت بها الثورة كلها.

وائل قنديل كاتب صحفي