نداف هعتسنى
فى سياق الثرثرات التى لا تنتهى بشأن إطلاق سراح الفلسطينيين، ينصحنا الذين يدعمون تحرير الأسرى بأن «علينا أن ننظر إلى الصورة الكبيرة». وبلهجة الشخص الناضج المسئول الذى يتكلم مع طفل متخلف، يتحدث الناطقون باسم نتنياهو والمؤيدون لهم من اليسار عن مدى تعاطفهم مع ألم العائلات الثكلى وإلى أى حد إطلاق الأسرى يؤلمهم أيضاً، لكنهم يضيفون أن مصالح دولة إسرائيل أكبر من ذلك بكثير وهى تفرض تأييد فتح أبواب السجون لخروج القتلى.
دعونا ننظر إلى «الصورة الكبيرة» كما بدت طوال الأعوام الماضية، ولنأخذ مثلاً إطلاق 1150 مخرباً فى صفقة جبريل سنة 1985. تشير الصورة إلى أن تحرير هذا العدد الكبير من القتلة كان يجب ألا يحدث، لأن هؤلاء ساهموا فى إقامة بنية تحتية جديدة للإرهاب بعد حصولهم على إعداد رفيع المستوى على القتل فى السجن. كما عاد العديد من هؤلاء مجدداً إلى القتل أو تسببوا بمقتل إسرائيليين جدد. إن «الصورة الكبيرة» لإطلاق هؤلاء الأسرى هى صورة كارثة استراتيجية لأن إطلاقهم ساهم مساهمة كبيرة فى نشوب الانتفاضة الأولى سنة 1987. وطبعت هذه الميزات جميع عمليات إطلاق الأسرى على مدى سنوات.
من المهم أن نتأمل فى أسلوب إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين كأداة سياسية تدخل فى إطار ما يسمى «مبادرات حسن نية». منذ قيام شبكة الإرهاب التابعة لعرفات، لم نتوقف عن القيام بـ«مبادرات حسن نية» وفى المقابل كنا نحصل على الإرهاب والتحريض. وقد زادت كل عملية إطلاق للأسرى من التحريض على الأرض ضدنا، ورفعت من سقف المطالب المطلوبة منا.