أوجعنى كثيرا أن أرى كل تلك الصور التى نشرتها غالبا بلا استثناء كل الصحف لحجرات الكشف وصالات استقبال المرضى فى المستشفيات الحكومية خاوية تخلو من المرضى بينما الأطباء حاضرون غائبون مضربون عن العمل. لم يخل الأمر من إثارة فهناك عناوين كثيرة تحفز المشاعر بالطبع تجاه الأطباء وإضرابهم منها «الأطباء مضربون والمرضى فى الشارع» «العيادات الخارجية تغلق أبوابها فى وجه المرضى» «النقابة تتوعد المخالفين» وغيرها يشى بخلاف واضح واتهامات متبادلة بين الأطباء ووزارة الصحة.
ربما أكون ضد أن يضرب الأطباء لكنى فى الواقع أعيش قضيتهم بصدق موجع. لم تنقض أيام على وفاة طبيب شاب من زملائى القريبين ــ يعمل بمعهد القلب القومى ــ نتيجة تعرضه للعدوى من مريض مخلفا وراءه زوجة وطفلين تركهما لأنواء الحياة. مدة خدمته ستة أعوام فقط لا يجنى عنها معاشا يذكر. كان عليه أن يسدد عشرين ألف جنيه جمعها زملاؤه لتحصل أسرته على ثلاثمائة جنيه شهريا هى كل ما يمكن أن تقدمه وزارة الصحة.
لم يكن هذا وحده موضع اهتمامى الأسبوع الماضى فقد كنت أجمع معلومات دقيقة لملف انتوى عرضه: الأطباء المصابون بعدوى فيروس الالتهاب الكبد «سى» حياتهم ومستقبل المرض لديهم.
مازلت ضد أن يضرب الأطباء لكنى دون أى شك منهم أعيش تفاصيل مشكلاتهم ووقائع أيامهم التى قد تعجزهم أحيانا عن أداء مهامهم الإنسانية وواجباتهم المهنية.
ما الحل إذن؟ إلى متى يمكن أن يبقى الأطباء مضربين وتظل الخدمة الطبية خارج الخدمة؟ هل تملك وزارة الصحة والمالية بالفعل حلا تضن به على الأطباء أم أن المشكلة قومية تحتاج إلى رؤية واقعية شاملة معها قد تنفرج الأزمة ولو على مراحل؟
تمنيت لو أدرج الأطباء بعضا من حقوق المرضى على قائمة مطالبهم فطالبوا بسرعة تحقيق أمل التأمين الصحى. حق أصيل للمواطن المصرى وواجب يؤديه الأطباء. أرى أن فى ذلك بعدا إنسانيا قد يدعو الإنسان المصرى للتعاطف مع قضية الأطباء بدلا من تلك الروح العدائية التى يواجه بها المريض الأطباء وإضرابهم.
زملائى الأعزاء: معكم أنا بقوة القول والفعل ولكنى أتمنى لو كان لنا من بعد الرؤية ما يمكننا من اقتراح حلول نساهم فيها بجهد فعال إلى جانب صياغة مطالبنا التى لا خلاف على أهميتها ولا اختلاف على شرعيتها. أتمنى أن نكون دائما مع المريض وأن نسهم فى الحل دون المطالبة التى نتشارك فيها مع كل أصحاب المهن فى بر مصر.