عبدالناصر.. والجدل العقيم - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:32 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عبدالناصر.. والجدل العقيم

نشر فى : الأحد 3 أكتوبر 2010 - 10:32 ص | آخر تحديث : الأحد 3 أكتوبر 2010 - 11:11 ص

 الملاحظة المبدئية التى تتكرر بحذفيراها تقريبا ثلاث مرات سنويا وأحيانا أربع هى الجدل حول شخصية جمال عبدالناصر.

 

يتكرر ذلك فى 23 يوليو عيد الثورة، وفى 28 سبتمبر ذكرى وفاته، وفى 5 يونيو ذكرى الهزيمة، وأحيانا فى 6 أكتوبر ذكرى الانتصار فى حرب 1973.

معظمنا يسقط دون وعى منه فى جدل أغلب الظن أنه بيزنطى وعقيم مثل أيهما أفضل عبدالناصر أم السادات، وهل ما حدث فى يوليو 1952 كان ثورة أم انقلابا؟.

الجدل حول الماضى جيد والخلاف مطلوب شرط أن يكون ذلك فى إطار يسمح للمجتمع بالاستفادة منه والتعلم من دروسه.
بالطبع لا يمكن لناصرى أن يتحول ليصبح ساداتى إذا جاز هذا الوصف كما لا يمكن لوفدى أن يحب عبدالناصر، وباليقين فإن الإخوانى لا ينسى ثأره مع الجميع.

هذا شعور إنسانى يمكن تفهمه.. لكن ما نسأل عنه هو: هل يمكن أن ينسى كل منا قليلا تمترسه السياسى للبحث عن مساحة من الحوار مع الآخر كى يستفيد المجتمع بأكمله؟!

كارهو عبدالناصر يلصقون به كل نقيصة فى العالم وبالطبع فى مصر.. لكن مشكلة هؤلاء أنهم لم يتوقفوا قليلا ليسألوا أنفسهم سؤالا بسيطا هو: ما الذى يجعل غالبية الفقراء يترحمون عليه ويأتى بعضهم من أقصى الصعيد أو الريف كى يقرأ الفاتحة على روحه فى ضريحه بحدائق القبة.. أحد هؤلاء رفع لافتة فى الضريح يوم الثلاثاء الماضى تقول: «ألف رحمة ونور على الرجولة من بعدك يا أبوخالد».

هل السبب هو أن كل هؤلاء مجانين أو تم تخديرهم ليتحولوا إلى مستلبين، وهل يمكن خداع كل هؤلاء طوال 40 عاما.. المؤكد أن الإجابة هى لا، كما أن معظم هؤلاء المعجبين لا يعرفون الشخص، لأن الذى كان عمره مثلا 25 عاما عندما مات عبدالناصر صار عمره الآن 65 عاما.

نسأل عن الشباب الذى ولد بعد وفاته ورغم ذلك يخرج فى مظاهرات ليرفع صوره حتى الآن.

السبب المنطقى الوحيد ليس شخص عبدالناصر بل المبادئ التى رفعها والمعارك الصحيحة التى خاضها.

عبدالناصر ليس مقدسا وأخطأ كثيرا خصوصا فيما يتعلق بالحريات وبعدم بناء تنظيم سياسى حقيقى. وكارثة 67. لكن الأصح أن إيمانه بالفقراء ودعوته للمساواة وإدراكه لحقيقة دور مصر العربى وإيمانه بحتمية التصدى لإسرائيل ومن يدعمها.. كل ذلك هو الذى يجعل الكثيرون لا يزالون يحبونه للآن، وكل ذلك أيضا هو ما يجعل خصومه يرونه مثل الكابوس، ويتخيلون أنه لا يزال يحكم مصر من قبره.

عبدالناصر مات ولن يعود وندعو له بالرحمة، وندعو محبيه إلى عدم تأليهه، وخصومه إلى عدم تخوينه، حتى ننطلق إلى مستقبل يليق بالتحديات التى نواجهها.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي