فوز المهندس إبراهيم المعلم بجائزة «بطل الاتحاد الدولى للناشرين» هو فوز شديد الأهمية، ليس فقط للمعلم، أو حتى لدار الشروق أو حتى لصناعة النشر المصرية، لكنه مهم ومفيد لمصر عمومًا ولقوتها الناعمة بل لصناعة النشر فى الوطن العربى وإفريقيا.
هذه هى المرة الأولى التى يحصل فيها ناشر مصرى أو عربى أوإفريقى على مثل هذه الجائزة شديدة الأهمية، والتى يعتبرها بعض خبراء النشر أهم وأكبر جائزة فى عالم النشر.
فوز المعلم بالجائزة ينبغى أن يتم التعامل معه على عدة مستويات.
المستوى الأول أنه إشادة وتقدير دولى بالغ بصناعة النشر المصرية والعربية، وقد عرفت من المهندس إبراهيم، خلال اتصال هاتفى معه، خلال وجوده فى المكسيك لاستلام الجائزة، فجر الخميس الماضى، إن بعض الناشرين العرب الذين حضروا الاحتفال قالوا له إن هذا الفوز لنا جميعًا
المستوى الثانى يخص «دار الشروق» ودورها الرائد والتنويرى فى صناعة النشر رغم كل الصعوبات الاقتصادية أو تلك التى تتعلق بعالم النشر عموما والضربات الشديدة التى تعرضت لها هذه الصناعة فى السنوات الأخيرة، وقد صمدت الدار أمام غالبية التحديات، وقدمت للقراء العرب العديد من العناوين المتميزة.
المستوى الثالث يخص إبراهيم المعلم شخصيًا، وشهادتى فى هذا الرجل مجروحة، بحكم عملى فى «الشروق». لكن أشهد الله أننى ومنذ عرفته فى منتصف عام ٢٠٠٨ قبل تأسيس الشروق، فهو مثال حى على الناشر المصرى والعربى ،الوطنى المحترف الذى قدم خدمات جليلة لعالم النشر.
لفت نظرى مثلا فى حيثيات منح المعلم الجائزة قول كبار مسئولى الاتحاد الدولى للناشرين أنه ساهم مساهمة فعالة فى انضمام العديد من دول المنطقة إلى الاتحاد الدولى حينما كان عضوًا فاعلًا فى لجنته التنفيذية، أو حينما كان نائبًا لرئيس الاتحاد لثلاث دورات متتالية، وهو مالم يحققه قبله أى شخص آخر.
بل إن المعلم ساهم مع آخرين فى ضم العديد من دول العالم فى آسيا وإفريقيا للاتحاد الدولى لمساعدتها فى تطوير صناعة النشر.
المفاتيح الأساسية فى فهم عقلية إبراهيم المعلم كناشر، أنه منحاز للحرية عمومًا ولحربة التعبير خصوصًا باعتبارها العمود الأساسى للنشر مع العمود الثانى حماية الملكية الفكرية، ويحارب بلا هوادة الانتهاك المستمر لحقوق الملكية الفكرية منذ عقود طويلة، لكى تتعرف عن قرب على شخصية المعلم عليك أن تجول بعينيك فى العناوين المختلفة فى أى مكتبة من مكتبات الشروق، سوف تجد كل العناوين والأفكار والآراء من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مصريًا وعربيًا وعالميًا، ستجد كل مؤلفات محمد حسنين هيكل وعبدالوهاب المسيرى ونجيب محفوظ وزكى نجيب محمود وطه حسين ومحمد عبده وتوفيق الحكيم ويوسف زيدان ومصطفى الفقى ثروت عكاشة ومحمود محيى الدين وجودة عبدالخالق وطارق البشرى،
ستجد فى دار الشروق مؤلفات كتاب عالميين حصلوا على جوائز نوبل، مثل أحمد زويل ومحمد البرادعى أو جوائز عالمية مثل أورهان باموق وهشام مطر.
وستجد كبار أئمة الأزهر العظام، أمثال محمود شلتوت ومحمد سيد طنطاوى وأحمد الطيب ومعهم محمد الغرالى.
وستجد أهداف سويف ورضوى عاشور ومحمد المخزنجى وصلاح عبدالصبور وفاروق جويدة، ومن الأدباء الشبان أحمد مراد.
وسوف تكتشف أن أهم المذكرات للشخصيات العامة خرجت من «دار الشروق»، ومنها على سبيل المثال مذكرات غالبية وزراء خارجية مصر فى العقود الأخيرة من إسماعيل فهمى ومحمد إبراهيم كامل وبطرس بطرس غالى إلى نبيل العربى وعمرو موسى ونبيل فهمى. ومذكرات لسيدات معروفات، مثل جيهان السادات وفرح ديبا.
ستجد فى مكتبات الشروق كل نجوم الكتابة الأدبية صغارًا وكبارًا، وستجد ركنًا مهمًا للفن التشكيلى ولكتابات الأطفال تشرف عليه شخصيًا أميرة أبوالمجد.
وأحيانًا كنت أسأل نفسى: من من هؤلاء الكتاب والمؤلفين يفضله إبراهيم المعلم؟!
واكتشفت بمرور الوقت أنه مع المبدعين والموهوبين عمومًا بغض النظر عن آرائهم وأفكارهم وتوجهاتهم.
ظنى الشخصى أن هذه الجائزة جاءت لتنصف إبراهيم المعلم وتكافئه على مشوار طويل يقترب من الستين عامًا فى عالم النشر، بدأه مع والده الناشر الكبير الراحل محمد المعلم، وبعد رحيله أوائل التسعينيات واصل المعلم الرحلة ليصل بدار الشروق إلى مصاف دور النشر الكبرى عالميًا.
تتفق مع المعلم أو تختلف، لكن لا يمكن لمنصف أن ينكر أنه رائد النشر فى مصر والمنطقة العربية، وقد شغل بالفعل لسنوات طويلة منصبى رئيس اتحادى الناشرين المصريين والعرب.
وتقول الجائزة الأخيرة، إنه رائد على المستوى العالمى أيضًا. وليس صدفة أن رئيسة الاتحاد الدولى للناشرين كارين بانسا قالت، وهى تعدد أسباب فوز المعلم، إنها تقدم الجائزة لناشر استثنائى. ولم يكن صدفة أن يحرص أربعة من رؤساء الاتحاد الدولى السابقين على الوجود على المنصة مع رئيسة الاتحاد الحالية لتسليم المعلم الجائزة تقديرًا له ولدوره ومسيرته.
مبروك لدار الشروق، وللمهندس إبراهيم المعلم، ولصناعة النشر المصرية.