فى كل انتخابات برلمانية أجريت منذ عام 2000، كان الحزب الوطنى يختار مرشحين، فيغضب آخرون يظنون أنهم الأحق بالعضوية والحصانة، ويرشحون أنفسهم مستقلين، وما أن تطأ أقدامهم عتبة المجلس الموقر، وقبل أن يستقروا على مقاعدهم تحت القبة، يعلنون عودتهم لحضن حزبهم الحبيب، فتزيد مقاعده، ويطمئن إلى حيازته «للأغلبية المعطّلة»، وقد انتقدت الأحزاب دوما هذا السلوك واعتبرته ــ عن حق ــ تحايلا على الناخبين وافتئاتا على الحياة السياسية.
الآن تطالب الأحزاب بالسماح للمرشحين المستقلين بتغيير صفتهم حال فوزهم، كى تزيد عدد مقاعدها فى البرلمان، ولا ترى فى ذلك تحايلا على الناخبين، أو إفسادا للحياة السياسية.
يرفع المتظاهرون لافتات تطالب بإسقاط حكم العسكر، ويرفعون باليد الأخرى صورا للرئيس جمال عبدالناصر، وتفرد الصحف- حتى الحكومية منها- صفحات فى ذكرى «الزعيم»، وتعدد مآثره وإنجازاته، وهى كثيرة وعظيمة، وتتناسى أنه كان ضابطا بالجيش، وأنه أرسى قواعد الحكم العسكرى، ونسف الحياة السياسية المدنية، وأورثنا للسادات الذى أورثنا بدوره لمبارك.
يطالب حزب سياسى عريق بتطبيق قانون العزل السياسى لحرمان أعضاء الحزب الوطنى المنحل من المشاركة فى الحياة السياسية، ويسعى فى الخفاء إلى ضم بعض فلوله إلى قوائمه،كى يعزز فرصه فى الفوز بعدد أكبر من مقاعد البرلمان.
ويعلن حزب سياسى آخر- عريق أيضا- رفضه لقانون الغدر، باعتباره تكريسا لأوضاع استثنائية وتجريفا للحياة السياسية، والحقيقة أنه يخشى أن يطول القانون بعض قياداته.
يتحالف الوفد انتخابيا مع الإخوان بموافقة مؤكدة من هيئته العليا «من أجل صالح البلاد ولتحقيق النهضة الشاملة»، ثم يعلن رئيسه فض التحالف «الانتخابى» واستمرار «السياسى»، وأيضا، من أجل صالح البلاد ولتحقيق النهضة الشاملة.
ينتقد مفكرون وقادة سياسيون أداء المجلس العسكرى فى المرحلة الإنتقالية، ويشككون فى نيته تسليم السلطة لحكومة مدنية، ويطالب نفس القادة والمفكرين المجلس، بالاستمرار فى السلطة لعامين على الأقل وتأجيل الإنتخابات، حتى تستعد القوى السياسية الناشئة.
يطلق مرشح رئاسى تصريحا ناريا يعلن فيه أن على المجلس العسكرى تسليم السلطة خلال 48 ساعة، ولم يقل لنا لافض فوه، يسلمها لمن؟، ويقاطع آخر اجتماعات زملائه من مرشحى الرئاسة « مأموصا»، لأنهم لم يستجيبوا لكل مطالبه، ويسافر إلى خارج البلاد فى عز المعمعة، لحضور مؤتمر دولى.
ملحوظة غير مهمة:
كتبت هذا المقال قبل ساعات من ظهور نتائج لقاء الفريق عنان بقادة الأحزاب، وكما تعلم فقد تم الإعلان عن جدول زمنى لتسليم السلطة، وسمح للحزبيين بالترشح على مقاعد الفردى، وسيصدر قانون بالعزل السياسى لقادة الوطنى المنحل، وآخر بعدم إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية، وثالث بقصر الطوارئ على حالات البلطجة.
هيا أيتها القوى الحزبية والسياسية الرشيقة، هات ما عندك.
eghazaly@shorouknews.com