منذ أمد طويل وهناك محاولات لوضع قانون الأحوال الشخصية للعائلة المصرية يشمل قانونا للمسلمين وقانونا آخر للمسيحيين، وليس فقط فى مصر ولكن فى عدة دول عربية وهذه القوانين دائما متعثرة لتخرج للنور رغم أنها تغيرت عدة مرات وبسبب عدم حوزتها على رضى شعبى لما فيها من ثغرات كثيرة خاصة فيما يخص المرأة والطفل فتتعثر خروجها إلى النور، فهذه القوانين أكثر القوانين صعوبة رغم المعاناة الطاحنة التى تشهدها الأسر ورغم سكب كثير من الحبر على الورق فى الدراسات والوثائق والمقالات وأيضا أفلام ومسلسلات تتنقل وتصور معاناة الأسر وخاصة المرأة والطفل.
مما يمكننا من أن نقول «قصور القوانين» فى حل المعضلات الفقهية والقانونية والاجتماعية التى تقف حائلا أمام إصدار هذه القوانين. ولا يغيب عنا أن ضحايا القوانين القاصرة هم الأبناء الذين يعانون من انقسام عائلاتهم واستغلالهم كأداة فى المنازعات الزوجية وفى مصر خاصة تقول الدراسات 40% من الأسر حديثة الزواج يتم فيها الطلاق مما يقلق رئيس الدولة الذى تكلم فى هذا الموضوع وكذلك الحكومة والمجتمع.
وقد كلف الرئيس عبدالفتاح السيسى بفتح ملف «قانون الأحوال الشخصية» الذى يضعنا أمام العديد من المقترحات والرغبات من خلال الطرفين «الرجال ــ النساء»، حيث جاء التكليف بتشكيل فريق من القضاة الأجلاء لتدشين حوار وطنى مجتمعى قانونى حول قانون الأحوال الشخصية، وإمكانية تعديله بما يخدم الأسرة والمجتمع ويزيد الوعى الأخلاقى وينهى صراعات الرؤية والنفقة والطلاق، هو أمر محترم وحلقة هامة من حلقات الحوار الوطنى الذى بدأه الرئيس بحوار مائدة الإفطار ولجنة العفو الجديدة حيث بدأت الهيئات والجمعيات والمنظمات الحقوقية ورجال الفقه والقانون تقديم الرغبات والمقترحات ومناقشاتها عبر وسائل الاعلام المختلفة.
يجب أن نعترف بأن النزعات الذكورية لمشروعات قوانين الأحوال الشخصية أساسها البيئة المحيطة والثقافة الموروثة وليست متأصلة فى الأديان وأنه من الممكن تغيير العديد منها وعندما تتغير ستصبح أكثر ملاءمة ليس فقط للعصر الحاضر بل لحقوق الإنسان واتفاقيات القضاء على التمييز ضد المرأة بل فى جوهر رسالة الأديان.
الإصلاح عمل اجتماعى ومجتمعى يشترك فيه مختلف الجهات المعنية من مرجعيات دينية وقانونيين وبرلمانيين ومؤسسات المجتمع المدنى فى اقتراحات لإصلاحات فى قوانين الأحوال الشخصية فى أسرع وقت ممكن فمن العيب أننا لا نستطيع أن نسن قانونا عادلا لأسرنا.
لا تنفصل حقوق النساء عن فهم سليم للنصوص الدينية ينعكس فى ممارسات وتطبيقات عملية. جموع المصريين يعرفون أن المجتمع، اجتماعيا وتاريخيا وثقافيا وقانونا، ينصف الرجل على حساب المرأة، تحت مسميات مختلفة، تتراوح بين «تكريمها» و«حمايتها» و«قوارير ينبغى الرفق بهن»، تلك الحجج تقنع البعض، لكنها لا تخيل على البعض الآخر. فالرفق واللين فى القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية يصبن عادة فى خانة الزوج.
لذا أدعو إلى أصول فقه متجدد ولغة معاصرة لتحاكى العدالة والمساواة والرحمة كما يجب سن قوانين لإلزام كل المتقدمين للزواج بالانخراط فى مركز مشورة معتمد فيه يدرس المتقدمان للزواج مواضيع تهم الزوجين مثل قصد الله من الزواج والحوار بين الزوجين وكيفية الإختلاف باحترام والإطلاع على قوانين الزواج وشرائعه بجانب العلاقات الحميمية وأصولها وقصد الله منها وتنظيم الأسرة وما إلى ذلك.
فى هذه الحياة هناك آلام ولكن أيضا جمال والأديان تحاول ان تقلل من الآلام البشر وتنشر الجمال.