أفرطنا فى الاحتفال بالكابتن جدو ونسينا محمد ناجى.. مصر كلها تتحدث عن محمد ناجى جدو، لكن قليلين يعرفون محمد ناجى ويتذكرونه.
أما محمد ناجى جدو فهو أشهر لاعب كرة قدم فى مصر حاليا بعد صعوده الأسطورى إلى لقب هدافى كأس أمم أفريقيا فى أنجولا، فماذا عن محمد ناجى؟
هو أديب مصرى فذ أثرى المكتبة المصرية والعربية بمجموعة من الروايات الفاتنة، يرقد حاليا فريسة مرض عضال ينهش كبده بشراسة جعلت من اللازم وعلى وجه السرعة إجراء عملية زرع كبد له.
ومنذ أن رقد ناجى الأديب تحت ضربات المرض سعت كل المؤسسات الثقافية فى مصر بكل السبل لمخاطبة الدولة من الرئيس مبارك إلى الوزير الأول نظيف لإنقاذ أحد عقول مصر المحترمة، وكالعادة فى البداية ذهبت النداءات أدراج الرياح، ثم أصابت قشعريرة عابرة ضمير مصر الرسمية فتمطت بصلبها وناءت بكلكل وقررت صرف مبلغ مائة ألف جنيه فقط لعلاج واحد من أدبائها المحترمين يحتاج لأكثر من مليون ونصف المليون جنيه لإنقاذ حياته.
ومع تصاعد النداءات من كل حدب وصوب تداعى المجتمع المدنى لإنقاذ ناجى من المرض من خلال جمع التبرعات من هنا وهناك لتدبير المبلغ المطلوب لإجراء جراحة زرع الكبد وبعد أكثر من أربعة أشهر من الجرى والركض نجح محبو محمد ناجى فى جمع مليون جنيه لعلاجه وتبقت 400 ألف جنيه كى يوافق المستشفى فى باريس على استقباله.
وأخيرا سافر محمد ناجى مصحوبا بدعوات زملائه ومحبيه لإجراء العملية فى باريس، وأستطيع أن أتخيل حاله وهو يغادر إلى فرنسا يوم 25 يناير الماضى فى ذروة الصعود الإعلامى للاعب الكرة محمد ناجى جدو والعروض تنهال عليه بالملايين والدولة ورجال أعمال أمانة سياساتها يبسطون أيديهم كل البسط لتسفير مئات المشجعين إلى أنجولا من أجل الهتاف بحياة جدو فى رحلات تكلفت وفق أقل التقديرات عشرة ملايين جنيه.
أغلب الظن أن ناجى الأديب كان يبتسم ساخرا مما تجرى عليه الأمور فى مصر أول بلد فى العالم عرف الكتابة واهتم بها، والبلد الذى يزعم دائما أنه قبلة الثقافة وحاضنة المثقفين.
ولا شك أنك مثلى مندهش من سخاء الدولة وإسرافها ببذخ على تسفير «الألتراس» وراء المنتخب والدفع بسخاء لوزير خرج من وزارة الإسكان تلاحقه اتهامات الفساد والتربح فكوفئ بتعيينه رئيسا لمجلس إدارة شركة الخدمات البترولية براتب بلغ نحو 10 ملايين جنيه فى ستة أشهر، وهى الدولة ذاتها التى تترك أدباءها ومبدعيها نهبا للمرض والحاجة، وتغل يدها إلى عنقها حينما تتعالى الأصوات تطالبها بتعويض منكوبى السيول.
إنها دولة «جدو» أما محمد ناجى فلينعم الله عليه بالشفاء ويعيده إلى أصدقائه وقرائه سالما.