بدأت نسائم الشهر الكريم تتسلل إلى نهاراتنا رغم العواصف والأتربة والسيول وكل ما لم نعتده من أحوال جوية وظروف بيئية نتمنى ألا تمس عزمنا أو تنال من رغبتنا فى أداء الفريضة الفريدة على أكمل وجه.
معها أيضا وعلى غير تمنٍ منا بدأت الظواهر والمظاهر التى تصاحب أيام الشهر الكريم فتنأى به عما يجب أن يكون.
فى كل عام تنهال إعلانات بعينها للترويج لأصناف من الطعام الذى يأتى على رأس قائمة الأطعمة غير الصحية وأهمها أنواع السمن الصناعى الذى يحرم استخدامه العالم كله إلا بلادنا. الزيوت المهدرجة التى تبدأ من مجموعة زيوت خليط يمر فيها غاز الهيدروجين ليحيلها إلى نوع من الدهون المجمدة يضاف إليها من النكهات المختلفة ما يروج لها: طعم الفلاحى أو طعم الزبدة الصفراء تلك الدهون هى السبب الأول لنشأة جلطة الشرايين الدماغية والتاجية رغم ذلك فإن فى إعلاناتها الملونة البراقة ما يعمى الأبصار عن أخطارها إلى جانب رخص ثمنها مقارنة بأنواع السمن الطبيعى والزبد وحتى الزيوت الجيدة مثل زيت الزيتون والذرة والكانولا وما شابه.
الجديد فى الأمر هذا العام هو ما لا أجد له تفسيرا علميا وإن كنت أعد بالبحث فى الأمر: كل تلك العبوات هذا العام مدموغة بعبارة «غير مهدرجة١٠٠٪» أى إن ما تحتويه تلك العبوات المعدنية دهون صلبة لم تعامل بغاز الهيدروجين فهل هذا يمكن أن يكون صحيحا؟
الواقع أننى فوجئت بهذا منذ أيام قليلة فلم يتسع وقتى لسؤال مسئول لكنى لجأت لصديقة زميلة من معهد التغذية علنى أجد لديها تفسيرا لذلك.
ليس هناك ما يمكنه تحويل الزيت السائل إلى دهون صلبة إلا الهيدروجين فهل هناك وسيلة علمية أخرى تحل تلك المعادلة الصعبة ومن أدرانى أن البديل ليس أسوأ من المتعارف عليه؟
هل فى الأمر خدعة؟ ليس فى الواقع أن أجزم بشىء قبل أن أتأكد من حقيقة الأمر.
هل لاحظ الناس تلك الملاحظة أم أنها ظلت محل تساؤل كثيرا ما أتوقف عند حدود معرفة الإنسان المصرى البسيط بقواعد التغذية السليمة وقوانين الوقاية من الأمراض فأشعر بمسئولية ضخمة ملقاة على عاتق كل من له علاقة بصحة المواطن فى أى موقع كان وأرى دائما أن تلك مسئولية جماعية يتشارك فيها المجتمع المدنى وأجهزة الدولة المختلفة وعلى رأسها وزارة الصحة بل وزارة التربية والتعليم أيضا.
أتمنى أن أصل قبل بداية الشهر الكريم إلى حقيقة تلك العبارة الغامضة على علب السمن الصناعى قبل أن تغرقنا إعلاناتها بألوانها ونكهاتها.