أن تنعى الضحايا وتصلح الساعات - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 10:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أن تنعى الضحايا وتصلح الساعات

نشر فى : الأربعاء 5 يناير 2011 - 11:46 ص | آخر تحديث : الأربعاء 5 يناير 2011 - 11:46 ص

 هل كان لابد أن يلتقى الدكتور محمد البرادعى النشطاء النوبيين فى اليوم التالى لكارثة القديسين بالإسكندرية للحديث عن تدويل أزمتهم؟

مع خالص الاحترام للبرادعى والاعتراف بنبل مقصده، فإن تأجيل عقد هذا اللقاء الذى سبق تأجيله مرات عديدة، ربما كان الأوفق والأصوب، خصوصا أن الوطن كله كان فى تلك اللحظة ـ ومازال ـ يئن تحت وطأة الفجيعة ويبحث عما يلم الصفوف ولا يشتتها.

يضاف إلى ذلك أن ملف النوبة يكتنفه قدر هائل من الحساسية والهواجس العرقية، فضلا عن أنه يرتبط فى أذهان البعض بما يثار من وقت إلى آخر حول ما يسمى «قضية نوبية» وجدت مكانا مزعجا فى سيناريوهات تتحدث عن تفكيك الدولة المصرية، عرقيا وطائفيا، بما يجعل الاقتراب من هذا الملف فى هذا التوقيت تحديدا، حيث لم تجف دماء ضحايا الإسكندرية بعد، مدعاة للغضب والتساؤل.

والأخطر أن كلمة «التدويل» حضرت فى المناقشات مع نشطاء النوبة، فيما يتصدى الجميع لما ورد فى تصريحات منسوبة لبابا الفاتيكان بشأن المسيحيين فى مصر، فهم منها أنه يتحدث عن دور للمجتمع الدولى فى موضوع الأقباط، وهو ما اعتبره كثيرون فى مقدمتهم فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر تدخلا غير مقبول فى شأن مصرى خالص، ما دفع المتحدث باسم الفاتيكان للتراجع من بوابة سوء فهم قد حصل.

مرة أخرى لا أشكك فى نبل غايات البرادعى، ولا خلاف فى أن سياسات الحكومة المصرية مسئولة عن وصولنا إلى هذه الحالة من الاحتقان الطائفى، والانسداد السياسى والشعور بالإجحاف والظلم لدى قطاعات عديدة من الشعب المصرى..

ولا اعتراض على فضح الجرائم السياسية والاجتماعية التى صنعها أولئك الصغار الذين اختطفوا مصر الكبيرة وحولوها إلى كيان هش.. لكن كل ذلك يمكن التعامل معه هنا فى الداخل وبوسائل وآليات مصرية، ودونما الوقوع فى حبائل استثمار سياسى لفاجعة قومية.

ولا يختلف عن ذلك هجوم «ألتراس» الحزب الوطنى على كل من يذهب إلى انتقاد الحكومة على تقصيرها الأمنى.. فهذا أيضا نوع من الألعاب الصغيرة المضحكة، واستغلال للمصيبة فى محاولة الردم والتعتيم على المقدمات التى صنعها «الحزب الاحتكارى» وأدت إلى نتائج كارثية.

صحيح أنه من الغفلة أن يتم استبعاد احتمال ضلوع أصابع خارجية فى إشعال الحريق، غير أنه لو كنا نعيش فى دولة عفية ويقظة وتتمتع بكامل سلامتها العقلية لما أوجدت هذه الحوادث الإرهابية هذه الحالة المخيفة من الغليان الطائفى والمجتمعى.. لكنها للأسف مصابة بالتهاب حاد فى مفاصلها، فضلا عن عتامة فى الرؤية.

للأسف كثيرون ينعون الضحايا.. ويصلحون ساعات!

وائل قنديل كاتب صحفي