كيف ينجح الموساد؟! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
السبت 11 يناير 2025 5:01 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف ينجح الموساد؟!

نشر فى : الأربعاء 5 يناير 2011 - 11:41 ص | آخر تحديث : الأربعاء 5 يناير 2011 - 11:41 ص

 بكثير من المرارة والألم يتابع الناس فى مصر تحقيقات النيابة مع المتهم المصرى طارق حسين بالتجسس لصالح إسرائيل، ضمن آخر حلقة فى الشبكات الإسرائيلية المتلاحقة التى تستهدف إلحاق الضرر بمصر واستغلال علاقاتها بدول عربية شقيقة لجمع المعلومات والقيام بأعمال تخريبية وخلق حالة من التوتر فى المنطقة.. تحت ستار ادعاءات الأمن والدفاع عن النفس.

فى الوقت الذى كفت فيه الدول العربية تماما عن أى رغبة أو قدرة على مواجهة المؤامرات الإسرائيلية بمثلها، بالرغم من إخلالها بالعديد من بنود اتفاقيات السلام ومواصلة ابتلاع الأراضى الفلسطينية وتشريد أهلها وعدم التورع عن شن ضربات عسكرية فى فلسطين ولبنان، وتخريب منشآت تدعى أنها ذات صبغة نووية فى سوريا.

وللمأساة فيما يبدو شقان: شق يتعلق بطريقة تعامل مصر مع أنشطة التجسس والتخريب الإسرائيلية. والتى لا يكاد يمر عام دون ضبط إحدى حلقاتها والقبض على رءوسها وعملائها وتقديمهم للمحاكمة. وكان آخرها ضمن قائمة طويلة من العملاء فى أبريل عام 2007 حين ألقى القبض على الجاسوس المصرى محمد السيد صابر مهندس الطاقة النووية. وأعقبتها الشبكة الأخيرة، التى كشف الستار عن بطلها عبدالرزاق حسين فى ديسمبر الماضى. واتضح أنه هو الذى قدم نفسه متطوعا مختارا للتعاون مع الموساد، مقنعا نفسه بأنه يستطيع أن يكون عميلا مزدوجا مثل رأفت الهجان أو أشرف مروان!!

وهنا لابد أن نتوقف قليلا لنلاحظ أن العملاء الذين نجح جهاز رالأمن القومى المصرى فى ضبطهم خلال الفترة الأخيرة معظمهم من الشباب المصريين الذين لا يشكون من البطالة، ولكن تسيطر عليهم ــ فيما يبدو ــ طموحات شخصية جامحة أو رغبة عارمة فى الثراء والحصول على المال أو الجرى وراء المغامرة والشهرة.. ولدى البعض منهم يقين بأن إسرائيل قادرة على إخراجهم من السجن والإفلات من العقاب. وحين تقرأ السيرة الذاتية لأى واحد منهم تكتشف أن علاقاته بأسرته ووطنه شبه مقطوعة أو تشوبها الخلافات والمشاكل.

وهو ما يقودنا إلى الشق الثانى الذى يستدعى السؤال: لماذا تنجح إسرائيل فى اختراق الدول العربية وتجنيد عملاء لها، ولا تنجح دول عربية فى ذلك؟

الأمر الذى لا شك فيه، أن اتفاقيات السلام مع مصر والأردن فتحت لإسرائيل ثغرات عديدة فى جسم الدول العربية بل وفى حائطها الأمنى. وأباحت لها ما لم يكن مباحا من قبل، سمح لإسرائيل بإقامة علاقات تحتية خاصة غير معلنة ــ كشفت عنهات برقيات ويكيليكس ــ تحصل من خلالها على ما تشاء من معلومات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. كما حدث فى حالة العميل عبدالرزاق حسين الذى توصل إلى معرفة الشخص المشرف على الملف النووى السورى وإبلاغه للموساد. وكانت الاستعانة بالفلسطينيين وتجنيدهم لاغتيال قيادات فلسطينية واختراق الأجهزة الأمنية الفلسطينية من الممارسات الإسرائيلية القديمة والمتكررة.

لا يوجد على الجانب الآخر أنشطة تجسس عربية فى إسرائيل. إذ يبدو حائط الأمن الإسرائيلى مستعصيا على الاختراق، أو أن الجانب العربى لم يعد على استعداد لمواجهة إسرائيل فى كل الميادين. حتى فى ميدان اعرف عدوك!

لقد أبدى البعض دهشتهم من وقوع شاب مصرى فى براثن الموساد.. ولكن الحقيقة التى يجب أن نعترف بها، هى أن ما تحصل عليه إسرائيل وقياداتها من ود ظاهر فى اللقاءات الرسمية المتكررة، وما حققته من مكاسب فى صفقات الغاز والكويز، وما تهيأ لها من انفتاح الأبواب والحدود لزيارة سيناء وإقامة احتفالات أبوحصيرة اليهودية على أرض مصرية وتحت حماية البوليس المصرى.. كل ذلك لابد أن يخلق أجواء غامضة ملتبسة فى عقول الشباب ونفسياتهم: هل نحن بإزاء صديق أم عدو؟ وهل نثق فى الواحد منهم كما نثق فى زميل عمل أو صديق دراسة من جنسيات أخرى، أمريكيا كان أو بريطانيا أو فرنسيا؟ وبعبارة أخرى، أين تبدأ العلاقات الطبيعية مع إسرائيل وأين تنتهى؟ ولماذا نسمح لألوف من شباب المصريين بالسفر والإقامة والعمل والعودة من إسرائيل، ولا نسمح لمواطنى دول عربية وفلسطينية بالسفر والإقامة والعمل فى مصر إلا فى حدود ضيقة وبشروط محددة؟

هذه كلها أسئلة جادة تحتاج إلى جواب؟!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات