شرق أفريقيا.. منطقة بترولية واعدة - وليد خدوري - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 12:50 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شرق أفريقيا.. منطقة بترولية واعدة

نشر فى : الثلاثاء 5 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 5 فبراير 2013 - 8:00 ص

يتوقع أن تزداد بشكل ملحوظ عمليات الاستكشاف والتنقيب البترولية فى الشرق الأفريقى خلال عام  2013، وذلك بعد النجاحات الكبيرة التى حققتها الشركات فى بعض الدول منذ عام 2010، بالذات فى اكتشاف احتياطات غازية عملاقة فى المناطق المغمورة حول موزمبيق.

 

نجحت الاستكشافات التى قامت بها الشركة الأمريكية اناداركو، بالاضافة إلى شركة اينى الإيطالية، نجحت هاتين الشركتين فى استكشاف احتياطيات عملاقة فى المناطق البحرية المحاذية لموزمبيق، بحيث انهما يخططان الآن لتصدير الغاز المسيل بحلول عام 2018. وتشير المعطيات المتوفرة إلى إمكانية تبؤ موزمبيق مستوى عاليا من الصادرات الغازية للأسواق العالمية ابتداء من العقد المقبل. وتدل مخططات التشييد لمصنع الغاز المسيل أنه سيكون حجمه بطاقة نحو 50 مليون طن سنويا (أو. 67 بليون قدم مكعب سنويا). وهذه من أوسع طاقات تسييل الغاز عالميا حتى الآن.

 

•••

 

ومن الجدير بالذكر، أن الأرقام الأولية لاحتياطى الغاز الطبيعى فى كل من مياه موزمبيق وتنزانيا تقدر بنحو 3600 بليون قدم مكعب، وهذه الاحتياطات فى ارتفاع مستمر اذ أعلنت شركة اينى اكتشافات جديدة خلال الربيع الماضى فى مياه تنزانيا تقدر بنحو 800 بليون قدم مكعب،  كما أعلنت كل من شركة إكسون موبيل الأمريكية العملاقة وشركة ستاتويل النرويجية اكتشافا فى نهاية شهر ديسمبر الماضى، مما يرفع أرقام الاحتياطيات الغازية الأولية المشار اليها أعلاه إلى نحو 4000 بليون قدم مكعب، والمهم فى الأمر أن الاكتشافات تستمر على قدم وساق، وبنجاح متواصل، من ثم اهتمام الشركات البترولية العالمية فى تطوير هذا الاحتياطى الغازى ليصبح تدريجيا منافسا مهما فى صناعة تصدير الغاز عالميا ــ مع قطر وروسيا وأستراليا.

 

•••

 

ينصب اهتمام الشركات البترولية العالمية فى تطوير الطاقة البترولية لموزمبيق لتصبح واحدة من الدول الغازية المهمة عالميا، ومصدرا مهما للأسواق العالمية. وتكمن أهمية موزمبيق فى تواصل مياهها مع القارة الآسيوية حيث تكمن الأسواق المستهلكة الموعودة.

 

إلا أن الاهتمام خلال هذه المرحلة لا ينصب فقط على موزمبيق، بل أيضا على دول شرق أفريقية أخرى، وإن لم تشكل الاحتياطات المكتشفة فى بقية دول المنطقة نفس أهمية موزمبيق، إلا أنها تدل على توفر مكامن بترولية واعدة فى الجزء الشرقى الأفريقى، وأن احتمالات اكتشاف حقول نفطية وغازية اخرى محتمل (إذ تقدر الأرقام الأولية للاحتياطات النفطية بنحو 16 بليون برميل من النفط الخام). فهناك اكتشافات نفطية فى الصومال (من ثم ليس من الغريب عقد مؤتمر دولى فى لندن أواخر العام الماضى لاعادة توحيد البلاد ومن ثم استقرارها من خلال تقديم المساعدات المالية لهذا البلد ودعم الوسائل اللازمة لتنمية البلاد ومكافحة الارهاب المتفشى هناك)، كما هناك اكتشافات فى كينيا وغانا وإثيوبيا، وطبعا إنتاج نفطى لا يزال محدودا فى السودان وجنوبه متعثر تصديره بسبب انقسام البلاد والخلافات بينهما. إلا أنه من المهم التذكير أن مرحلة الاكتشافات والتنقيب لا تزال فى مراحلها الأولية، وستأخذ وقتا طويلا لمعرفة الطاقة البترولية المتوفرة فى شرق أفريقيا.

 

•••

 

من الطبيعى، يجب أن نتوقع تحديات عدة تواجه استفادة البلاد المعنية من الريع البترولى، ونشوب خلافات متعددة تواجه هذه الاستفادة. هذا، بالاضافة إلى التدخلات الأجنبية الدولية. فبسبب ضعف الأنظمة السياسية فى هذه البلاد، من المتوقع أن تنشب خلافات داخلية عدة ضمن البلد الواحد حول أماكن تشييد الصناعة البترولية، وبالذات المصانع الغازية التى تكلف بلايين الدولارات، لما فيها من استفادة للزعماء السياسيين والمقاولين المحليين، ناهيك عما توفره من فرص عمل للقوى العاملة المحلية، هذا بالإضافة إلى إمكانية توفير الخدمات الصحية وبناء الطرق فى المناطق المحاذية لهذه الصناعات الضخمة.

 

وبالفعل، نشبت مظاهرات عنيفة فى منطقة متوارا فى جنوب تنزانيا خلال شهر ديسمبر الماضى حول تشييد خط أنابيب غازى ومحطة لتوليد الكهرباء تبنيهما شركة صينية بالتعاون مع شركة تنزانية. والخلاف هو هل من الضرورى تشييد محطة الكهرباء فى دار السلام، العاصمة التنزانية، التى متوفر لها محطات للكهرباء، أم فى الجنوب الذى يفتقر إلى الكهرباء، ونتج عن هذه الاحتجاجات اعتقال العشرات من المتظاهرين وحرق منازل بعض كبار المسئولين الحكوميين.

 

كما هناك مسألة انعدام الشفافية وثقافة الفساد المتفشية فى دول العالم الثالث، التى تأخذ ابعادا خطرة مع توفر الريع البترولى الضخم والسريع. وقد بدأت أهمية هذا الموضوع وانعكاساته تتضح منذ الآن، رغم أن الصناعة البترولية فى المنطقة لا تزال محدودة جدا. فقد نوه مؤخرا السيد ثوربورن جوستربيثر السفير النرويجى فى أوغندا (والمعتمد لدى رواندا ايضا)، مشيرا إلى ضرورة تبنى الأسس والقوانين الشفافة اللازمة مع انطلاق الصناعة البترولية فى شرق أفريقيا، وذكر بهذا الصدد: «من المهم جدا تبنى الأسس اللازمة للالتزام بالأسس الصحيحة لموازنات هذه الدول، وتطوير المؤسسات المصرفية والمالية المتطورة لتواكب نشوء الصناعة البترولية، كما أنه من المهم جدا أن يكون نظام المزادات لمنح قطع الاكتشاف والإنتاج للشركات الدولية شفافا وتنافسيا. وهذا كله يتطلب أنظمة قانونية صريحة وشفافة. ومن الجدير بالذكر، أن تصريحات السفير النرويجى، كانت تعليقا على التحقيقات التى يقوم بها مكتب رئيس الوزراء الأوغندى حول فقدان بلايين الدولارات كانت مخصصة من الريع البترولى لتطوير شمال أوغندا.

 

•••

 

تشكل الاكتشافات الهيدروكربونية فى شرق أفريقيا جزءا من محاولة الشركات البترولية العالمية فى الاستمرار الدءوب للعثور على احتياطات نفطية وغازية جديدة. ومن الطبيعى، فإن هذه المحاولة، لا تقتصر فقط على شرق افريقيا. فهناك حاليا محاولات ضخمة جدا تقدر تكاليفها بعشرات البلايين من الدولارات فى اكتشاف البترول فى مياه القطب الشمالى رغم الصعاب الطبيعية والمناخية والبيئية لهذه المحاولات. كما هناك المحاولات الاكتشافية فى شرق سيبيريا. وتشكل هذه المحاولات عملية متكاملة للعثور على نفوط جديدة،  لكى يتوافر للعالم مصادر طاقوية جديدة، تقلص الاعتماد على النفط العربى، حيث الاحتياطات العملاقة (نحو ثلثى الاحتياطات العالمية الحالية) وكجزء من سياسة الدول الصناعية فى تحقيق نوع من الاستقلال الطاقوى لدولها. وخير مثال على ذلك هو الاكتشافات والإنتاج المتزايد من النفوط والغازات الصخرية فى الولايات المتحدة وكندا، ناهيك عن بقية النفوط غير التقليدية (الرمل القيرى والسوائل النفطية المكررة مباشرة من الغاز الطبيعى والنفط الثقيل جدا). لكن المعطيات المتوافرة حتى الآن لا تدل إلى إمكانية احلال هذه النفوط غير التقليدية محل النفوط التقليدية، فهى ستطيل من عمر النفط، وستخلق منافسة قوية للنفوط التقليدية فى الأسواق العالمية وفى المعادلات السعرية.

 

 

 

مستشار لدى نشرة «ميس» النفطية

وليد خدوري كاتب عراقي متخصص في أمور الطاقة
التعليقات