نيجيريا وجنوب إفريقيا عنصران حاسمان فى المبادرات القارية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:55 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نيجيريا وجنوب إفريقيا عنصران حاسمان فى المبادرات القارية

نشر فى : الخميس 5 أبريل 2018 - 10:35 م | آخر تحديث : الخميس 5 أبريل 2018 - 10:35 م

نشرت مؤسسة for security studies institute مقالا للكاتب Liesl LouwــVaudran، يتناول فيه اتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية (AFCFTA) التى تم التوقيع عليها أخيرا من قبل 44 دولة فى الاتحاد الإفريقى لتعزيز التبادل التجارى بين الدول الإفريقية وإتاحة حرية الحركة للأشخاص والبضائع داخل القارة الإفريقية، ومن الجدير بالذكر أن اثنين من عمالقة الاقتصاد فى القارة الإفريقية – نيجيريا وجنوب إفريقياــ امتنعا عن التوقيع على الاتفاقية لأسباب مختلفة.
يستهل الكاتب حديثه حول الإقبال الكبير على حضور مؤتمر القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقى بشأن منطقة التجارة الحرة القارية (AFCFTA) المنعقد فى 21 مارس الماضى حيث يظهر هذا الإقبال الواسع الاهتمام الموحد للقارة الإفريقية بتعزيز فرصها الاقتصادية. لقد كان هناك وفود من 50 دولة، تتضمن 27 رئيس دولة حضرت القمة فى كيجالى. ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى أن حقيقة وجود عدد كبير من القادة الذين يحضرون اجتماعات قمة الاتحاد الإفريقى الذى تعقد كل عامين تتناقض مع الانقسامات الرئيسية الموجودة داخل الاتحاد الإفريقى بشأن الإصلاحات التى بات الاتحاد الإفريقى فى أمس الحاجة لها.

على ما يبدو أن الدول متفقة على تعزيز التجارة الإفريقية البينية، ولكنها مختلفة حول تعزيز دور الاتحاد الإفريقى نفسه. فى قمة الاتحاد الإفريقى فى يناير الماضى وقعت 23 دولة على اتفاقية إطلاق سوق النقل الجوى الإفريقى الموحد والذى يفتح المجال أمام التكامل الحيوى فى القارة فى هذا المجال، ووقعت 30 دولة على بروتوكولات الاتحاد الإفريقى لإنشاء المجتمع الاقتصادى الإفريقى القائم على حرية حركة الأشخاص وحق الإقامة وحق التأسيس.

وعلى الرغم من أن هناك العديد من العقبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى تقف فى طريق إنشاء منطقة التجارة الحرة الإفريقية والتى تحول دون الاندماج والتكامل، فإن هذه الاتفاقيات هى خطوات أولية مهمة جدا. إن مبادرة (AFCFT) على وجه الخصوص تعتبر وبحق إنجازا مهما جدا وتمهد الطريق لتعظيم التجارة بين الدول الإفريقية وإتاحة العديد من الفرص الاقتصادية أمام كل بلدان القارة الأفريقية. وعلى الرغم من أنه بينما وقع على الاتفاقية 44 دولة، فإننا نجد أن اثنين من أكبر الاقتصادات الإفريقية ــ نيجيريا وجنوب إفريقيا ــ لم يوقعا عليها. وبسبب قوتهما الاقتصادية والعسكرية وتاريخهما الطويل فى قيادة التغيير فى القارة الإفريقية، يعتبران ــ وبحق ــ عنصرين حاسمين فى مثل هذه المبادرات والاتفاقيات. رئيس جنوب إفريقيا «راموفوسا» لم يحضر القمة الإفريقية فى كيجالى ولكنه أدلى بتصريحات متفائلة ومهمة حول الاتفاقية.
***
ويضيف الكاتب أنه على الرغم من أن جنوب إفريقيا لم توقع على اتفاقية كيجالى إلا أن لديها النية للتوقيع على الاتفاقية فى المستقبل ريثما يتم الانتهاء من الجوانب المعلقة للاتفاق. كما يقول وزير التجارة والصناعة فى البلاد ــ روب ديفيزــ إن جنوب أفريقيا اقترحت من قبل إبرام مثل هذه الاتفاقية. وسيتطلب التصديق على الاتفاقية الإفريقية للتعاون الاقتصادى أيضا موافقة برلمان جنوب إفريقيا.
فى تحوُّل مفاجئ قبل 48 ساعة من سفره إلى كيجالى، ألغى الرئيس النيجيرى محمد بخارى رحلته قائلا: إنَّ البلاد بحاجة إلى «السماح بالمزيد من الوقت لإجراء المشاورات مع النيجيريين». ولا شك أن هذا القرار يرجع إلى ضغوط من الاتحادات التجارية، وشكاوى النقابات العمالية فى نيجيريا. فوفقا للعديد من التقارير المحلية، أثار ذلك أيضا مخاوف العديد من منظمات القطاع الخاص ومنها على سبيل المثال لا الحصر رابطة المصنعين فى نيجيريا.

ومثل ذلك ضربة قاسمة لرواندا ــ مستضيفة الحدث ــ ولرئيسها «بول كاجامى» رئيس الاتحاد الإفريقى حاليا، حيث تلعب نيجيريا دورا محوريا فى اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية. كما أنه فى الحقيقة يرأس «بخارى» الدولة التى كانت تاريخيا فى طليعة الدول المنادية بتطبيق مثل هذه الاتفاقية على أرض الواقع.
***
ويذكر الكاتب أنه قد تم طرح فكرة إنشاء مثل هذه المنطقة التجارية الحرة لأول مرة فى خطة عمل لاجوس التى أعقبت قمة فى العاصمة التجارية لنيجيريا عام 1980، وكانت معاهدة أبوجا عام 1991 لإنشاء الجماعة الاقتصادية الإفريقية الحرة هى السائدة، حتى أن خبراء التجارة ما زالوا يشيرون إليها بخارطة طريق أبوجا. وقد اقترحت نيجيريا فى البداية استضافة أمانة منطقة التجارة الحرة الإفريقية. وكذلك تعد نيجيريا أيضا القائد الذى لا خلاف عليه للجماعة الاقتصادية التى تضم 15 دولة من دول غرب إفريقيا (ECOWAS). وهى واحدة من أنشط المجتمعات الاقتصادية الإقليمية فى القارة الإفريقية.

وترأس «بخارى» القمة الـ30 للاتحاد الإفريقى التى انطلقت فى يناير فى أديس أبابا، والتى كان شعارها «الانتصار فى مكافحة الفساد ــ نهج مستدام لتحويل إفريقيا».
إذن لماذا تظل نيجريا بعيدة؟

فى حين أن التفسير الرسمى الوحيد حتى الآن هو أن القرار تم تأجيله لإجراء مزيد من التشاورات مع أصحاب المصالح المختلفة المحليين، ومن الواضح أيضا أن بعض النيجيريين لا يرون التبادل التجارى فى إفريقيا بنفس الطريقة التى يراها الأفراد فى إفريقيا الجنوبية. لقد كان النيجيريون فى الماضى هم الطرف المتضرر من هيمنة اقتصاد جنوب إفريقيا القوى على القارة. هذا أيضا كان السبب للمعارضة القوية فى نيجيريا على طلب المغرب للانضمام إلى (ECOWAS) فى نهاية عام 2017. فالمغرب واحد من أكبر المستثمرين فى القارة. خاصة فى غرب إفريقيا. وكان هناك مخاوف من أن يهدد ذلك مصالح الشركات المحلية فى نيجيريا.

وعلى الرغم من ذلك تعد نيجيريا دولة مصدرة ومستثمرا رئيسيا فى القارة الإفريقية فى الخدمات المالية، والسلع المصنعة، والمنتجات الزراعية... إلخ.

ويتفق خبراء التجارة على أنه على المدى الطويل، يمكن أن تكون اتفاقية (AFCFT) مفيدة للجميع، خاصة للاقتصادات الكبيرة. وعلق رئيس اللجنة الاقتصادية الإفريقية فى الأمم المتحدة ــ كارلوس لوبيز ــ أثناء القمة قائلا: إن نيجيريا سوف توقع حول الاتفاقية، على الرغم من أنه غرد بعد ذلك قائلا: إنها فقدت صورتها كرمز تاريخى بعدم توقيعها..
ويضيف الكاتب أن كلا العملاقين الاقتصاديين فى دول جنوب الصحراء الإفريقية ــ نيجيريا وجنوب إفريقيا ــ سيحققان مكاسب هائلة من تزايد التبادل التجارى الإفريقى. ففى الماضى، أدى التعاون القوى بين كل من جنوب إفريقيا ونيجيريا إلى تقدم كبير مثل تحويل منظمة الوحدة الإفريقية إلى الاتحاد الإفريقى.
وفى كتابه الجديد The Eagle and the Springbok عن السياسة الخارجية لكل من نيجيريا وجنوب أفريقيا يتحدث البروفيسور أديكى أديباجو ــ الأستاذ بجامعة جوهانسبرج ــ عن أنه بعد عقد ضائع ــ حيث تميزت العلاقات الثنائية الإفريقية المهمة بين جنوب أفريقيا ونيجيريا بالمنافسة والنزاعات الدبلوماسية ــ هناك حاجة إلى مزيد من التعاون بين هذه القوى الإفريقية مع العديد من الدول الأخرى أيضا مثل الجزائر وإثيوبيا وأنجولا. ويضيف أن النفوذ السياسى المشترك بين هاتين الدولتين جعلهما تمثلان قوة هائلة محتملة فى تشكيل التكامل والاندماج الإفريقى، وتمثيل مصالح القارة على المسرح العالمى.

وأن مبادرة (AFCFT) وغيرها من الاتفاقيات والمبادرات تحتاج إلى كلا من جنوب إفريقيا ونيجيريا.

الآن هو الوقت المناسب لتعزيز الروابط الدبلوماسية مع نيجيريا للحفاظ على خارطة طريق أبوجا على المسار الصحيح.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى

التعليقات