بعض أصدقائى الفيسبوكويين غاضبون من أداء المجلس العسكرى ومن أداء المحكومة وطلبوا منى إبلاغ رسائل منهم للمجلسين، وسأفعل، وبما أننى أعلم أن هذا العمود مقروء من بعضهم، إذن فها هى بعض رسائلهم. مع ملاحظة أن ليس كل ما يقوله الأصدقاء يتسق مع صحيح ما أعلم، ولكن أيضا لا يمكن تجاهلهم؛ فهم جزء عزيز من الوطن.
قال أحد الأصدقاء: «الشلل الذى تعيشه مصر بسبب ضعف أداء حكومتكم المحسوبة على الثورة وهى لا تمت لها بصلة؛ بل ان ضعف الاداء يعتبر المساعد الأول فى ارتداد الثورة على أعقابها وربما فشلها.. فتش عالمحاكمات العسكرية وعالانفلات الأمنى الجلى نتيجة الفساد المتغلغل فى وزارة الداخلية والانتشار المتعمد للبلطجة سواء أو تجارة المخدرات بأضعاف ما قبل الثورة وعالفساد فى وزارة العدل أهم الوزارات على الإطلاق ناهيك عن وزارة الزراعة التى لم تقدم جزءا فى المليار من المنوط تحقيقه لبلد زراعى كمصر... من الآخر احب اقولك يا د.معتز إن الغضب بدأ يوصل لمراحل ما قبل 25 يناير وكل الدلائل والتكهنات بتقول ان الانفجار القادم مش هيكون سلمى زى اللى فات واسأل دم الشهدا اللى أهاليهم اتبهدلوا بدل ما يتكرموا؛ لو سمحت وصّل الرسالة دى لأولى الأمر اللى بجد مش الصورة».
وأعتقد أنها وصلت، وأتوقع أن تكون مثار انتقاد لى، ولكن المهم أن تصل.
إحدى الصديقات توجه لى سؤالا: «ليه حضرتك مُصرّ تكلمنا كمواطن؟ فى حين إن حضرتك موقعك فى مركز صُنع القرار؟ وبالتأكيد فيه فى إيدك صلاحيات ما تتوفرش لينا كمواطنين؟!!»
وردى على أختى العزيزة يتطلب توضيح بنية صنع القرار فى النظام السياسى المصرى حاليا، مثلما نحن بحاجة لأن نعرف بنية فريق كرة القدم، فلا يمكن أن نلوم حارس المرمى على أن فريقه لم يحرز أى أهداف، لأن هذا ليس دوره. وعلى هذا، فمن المهم توضيح أن الكثير من الأمور ليست بيد المستشارين (وأحيانا أشعر بالغيظ لهذا، لدرجة أن البعض اقتبس قولى إن الأسهل أن تكون المسئول عن أن تكون مستشار المسئول). إذن المستشار يقدم المشورة لرئيس الوزراء، رئيس الوزراء يطرحها للنقاش على مجلس الوزراء، ويمكن للمجلس أن يقبل اقتراح رئيس الوزراء أو لا، وإن قبل فإن الأمر يعرض فى النهاية على المجلس الأعلى الحاكم لإصدار القرار بصفته رئيسا للجمهورية أو إصدار مرسوم القانون بصفته مجلسا للشعب. إذن دور المستشار أقل كثيرا جدا مما يتصوره البعض.
ويفترض أن هذا الوضع الانتقالى ينتهى مع انتخابات تنقل الشرعية من الشارع إلى البرلمان. وحينئذ سيكون هناك وضع مختلف، أو على الأقل مستشار آخر غيرى. قولوا يا رب.
أخ فاضل ينصحنى: «اترك منصبك هذا يا دكتور لأنك تخسر منه أكثر من استفادتك أى شىء. خليك معانا أفضل».
وردى بسيط على أخى العزيز، من جهة الخسارة، لو ربنا تقبل، سأكون كسبت الكثير، وهذا هو الأهم. ومن جهة المكسب، فكان الأولى ألا أرجع إلى مصر، فالمكسب المادى فى الخارج أكبر والحياة أسهل، ولكنه واجبنا تجاه بلدنا. ثانيا، ومع كل احترامى للناقدين، فمن يعلم حقيقة أوضاع البلاد ويعرفنى أنا شخصيا من المخلصين لهذا البلد يطلبون منى صراحة ألا أترك موقعى، بل يتمنون أن يكون معى آخرون، وهذا ما أجتهد فيه. ثالثا، دولة تحيا على الفساد لمدة عقود ستحتاج الكثير من الوقت كى تنفى خبثها وتبنى نهضتها.
مرحلة صعبة، ولكنها كالميلاد الصعب الذى يستحق، ما دمنا نادينا بالثورة، فعلينا أن نتحمل مخاض الولادة: ولادة مصر الحديثة.
m@aladl.net