الإسرائيليون وأوباما - هنري سيجمان - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 9:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسرائيليون وأوباما

نشر فى : الخميس 5 نوفمبر 2009 - 10:45 ص | آخر تحديث : الخميس 5 نوفمبر 2009 - 10:45 ص

 تشير استطلاعات الرأى إلى أن الرئيس أوباما يتمتع بتأييد ما بين 6 و10% من الرأى العام الإسرائيلى وربما تكون أدنى نسبة لشعبيته فى أى بلد فى العالم. ووفقا للتقارير الإعلامية، يبحث مستشارو الرئيس عن سبل لطمأنة الرأى العام الإسرائيلى إزاء صداقة أوباما والتزامه الكامل بأمن إسرائيل.

وتلك الصداقة وذلك الالتزام حقيقيان، بغض النظر عن أرقام استطلاعات شعبية الرئيس أوباما فى إسرائيل. وقد حاولت وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون التأكيد على تلك الرسالة خلال زيارتها لإسرائيل. كما كُلف المبعوث الرئاسى، جورج ميتشيل، ببذل جهود مماثلة خلال زياراته المتكررة الكثيرة إلى القدس.

ويوشك البيت الأبيض على تسجيل رقم قياسى جديد فى عدد رسائل الطمأنة وتحيات الفيديو التى يرسلها الرئيس الأمريكى بهذا الصدد إلى إسرائيل، وكذلك إلى المنظمات اليهودية فى الولايات المتحدة. ويجرى حاليا بحث خطط قيام الرئيس بزيارة إلى القدس.

ويساور مساعدو الرئيس القلق من احتمال أن يقوض عداء الإسرائيليين للرئيس جهوده لإحياء عملية السلام. وهذا قلق حقيقى دون شك. لكن حملة يتولاها البيت الأبيض للتوفيق بين الرأى العام الإسرائيلى والرئيس أوباما يمكن أن تكون أشد ضررا، لأن السبب وراء هذا العداء الإسرائيلى غير المسبوق تجاه رئيس أمريكى هو الخوف من أن يكون الرئيس الأمريكى جادا فى عمله على إنهاء احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة.

فالإسرائيليون لا يعارضون جهود أوباما لتحقيق السلام لأنهم يكرهونه؛ وإنما يكرهونه بسبب تلك الجهود. وهو لن يسترد مودتهم إلا لو تخلى عنها. وهذا هو رد فعل إسرائيل، حكومة وشعبا، إزاء أى ضغوط خارجية لتوقيع اتفاق سلام يستوجب التزام إسرائيل بالقانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة التى تطالب بالعودة إلى حدود ما قبل 1967 التى ترفض تعديل الحدود من طرف واحد.

ولا يكل الرأى العام الإسرائيلى شأنه فى ذلك شأن حكومته من الإعلان فى استطلاعات الرأى عن تطلعه إلى السلام وتأييده حل الدولتين. وما تخفيه الاستطلاعات هو أن هذا التأييد ينطلق من الشروط الإسرائيلية لتحقيق هذا السلام، وأبعادها الإقليمية، والقيود الواجب فرضها على سيادة أى دولة فلسطينية.

فإذا جاء رئيس أمريكى يخاطب العالم العربى ويعد بنهج عادل ومنصف لتحقيق السلام، سوف يرى الإسرائيليون فيه على الفور معاديا لإسرائيل. وقد اعترض رئيس احدى المنظمات اليهودية البارزة على تعيين السيناتور جورج ميتشيل كمبعوث للرئيس للسلام لأن موضوعيته وإنصافه، حسب قوله، لا يؤهلانه لهذه المهمة.

وأقل ما يوصف به رد الفعل الإسرائيلى على جهود السلام الجادة هو أنه مريض ومختل، وهو نتيجة لعجز الشعب اليهودى عن التكيف مع العودة إلى دولة تخصه بعد ألفى عام من العيش بشعور العجز وعقلية الضحية.

وفى 1992 عند تنصيب رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين، الذى تحل هذا الأسبوع ذكرى اغتياله على يد يهودى يمينى متطرف، قال للإسرائيليين إن بلدهم قوى عسكرية، وهو له الكثير من الأصدقاء وليس معرضا للخطر. لذلك، عليهم الكف عن التصرف كضحايا.

أما رسالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التى ترى فى العالم كله عدوا لإسرائيل وأن الإسرائيليين مهددون بمحرقة أخرى وهو الخوف الذى تذرع به أكثر من مرة خلال خطابه الذى ألقاه فى شهر سبتمبر أمام اجتماع مجلس الأمن لتفنيد تقرير بعثة القاضى ريتشارد جولدستون لتقصى الحقائق حول غزة فهى للأسف ما زالت تحظى بارتياح كثير من الإسرائيليين.

وتقوم المنظمات اليهودية الأمريكية التى تتفق أجنداتها مع الآراء السياسية والأيديولوجية لليمين الإسرائيلى بدعم هذا المرض وتشجيعه. وهذه المنظمات لا تعكس آراء معظم اليهود الأمريكيين الذين صوتت أغلبيتهم الساحقة نحو 80% منهم للسيد أوباما فى الانتخابات الرئاسية.

وقد استعصى على جميع الإدارات الأمريكية السابقة التوصل إلى اتفاقية سلام إسرائيلية ــ فلسطينية، وذلك ليس لعجزها عن التوصل إلى الصيغة الملائمة؛ فالجميع يعرف منذ فترة الملامح الأساسية لهذه الصيغة، التى سبق واقترحها الرئيس كلينتون أوائل عام 2000. غير أن الصراع مازال مستمرا لأن الرؤساء الأمريكيين ــ وإلى حد كبير ــ عدد كبير من أعضاء الكونجرس تكيفوا مع مرض لا شفاء له إلا بمواجهته.

ولا يستطيع علاج هذا المرض سوى رئيس أمريكى يتحلى بالشجاعة السياسية التى تكفى لمواجهة استياء إسرائيل وكذلك انتقادات ذلك القطاع من اللوبى الموالى لإسرائيل فى أمريكا والمؤيد تلقائيا حتى اليوم للسياسات الإسرائيلية، دون النظر لما ينطوى عليه هذا من مخالفة للعقل أو الأخلاق.

وإذا كان الرئيس أوباما جادا فى وعده بإنهاء 40 سنة من الاحتلال الإسرائيلى، وتحقيق حل الدولتين، وضمان بقاء طويل الأمد لإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، وحماية المصالح الحيوية الأمريكية فى المنطقة، فسيكون عليه المجازفة بإثارة هذا الاستياء. وإذا أوفى بتعهده سينال امتنان إسرائيل إلى الأبد.

هنرى سيجمان؛ مدير مشروع الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وهو مدير سابق لمنظمة المؤتمر اليهودى الأمريكى.

هنري سيجمان  رئيس مشروع الولايات المتحدة و الشرق الأوسط
التعليقات