اثنان مبصران فى مصر العمياء - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 4:16 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اثنان مبصران فى مصر العمياء

نشر فى : الخميس 6 يناير 2011 - 9:46 ص | آخر تحديث : الخميس 6 يناير 2011 - 9:46 ص

 ضبطتنا كارثة انفجار القديسين متلبسين بحالة من العمى أصابت البصر والعقل أيضا، بحيث بدت مصر وكأنها مجموعة من العميان يتخبطون فى كهف مظلم عميق.

وليس أدل على عمى البصر، من ذلك السباق المحموم بين طائفة الخبراء المنتفخين جهلا على وضع الإجابات النهائية القاطعة التى لا تقبل النقاش من وجهة نظرهم على أسئلة الفاجعة.

هؤلاء الخبراء المختالون بمعرفتهم الفظيعة ببواطن الأمر أفتوا فى كل شىء، من منفذ الجريمة إلى المحرض، إلى الدوافع، إلى نتائجها المستقبلية.

وفى أجواء كهذه تنشط طبقة الكهنة الذين يدعون احتكار المعرفة وملامسة اليقنين، ومن ثم تتطاير طوال الوقت مفردات من عينة «تكهنات» و«ترجيحات» دون أن يفكر أحد فى التواضع قليلا ليستخدم آلية الاحتمال.

وعليه ظهرت حواديت العثور على رأس الهدهد الهندى، والاشتباه فى وجود رجل غراب أفغانى، والجزم بأن الموساد الطاهر الشريف العفيف برىء، كل ذلك والأجهزة وسلطات التحقيق المعنية بشكل مباشر تلتزم الصمت، انتظارا لانتهاء التحقيقات، بعيدا عن مهرجانات ضرب الودع وفتح الكوتشينة المنصوبة على الصفحات وفوق الشاشات.

هذا عن عمى البصر، أما بخصوص البصيرة فحدث ولا حرج، إذ انطلق مهرجان آخر للإقصاء والاستبعاد والتحريض، كل طرف يريد أن يعتبر الآخر مسئولا عن المناخ الدى أوجد الكارثة، ويبلغ عنه ويضع اسمه فى قوائم المتهمين ويطالب بإخراسه واستئصاله من لغاليغه الفكرية والثقافية، لكى يخلو لهم وجه أمهم مصر التى يحبونها أكثر من أبنائها الآخرين الأشرار.

وقد حضرت مصر العمياء أيضا عندما دفعت بكل بلادة وصفاقة واحدا من أنبل أبنائها هو الأديب المبدع الكبير بهاء طاهر وكادت تسقطه أرضا لأنه خرج فى مسيرة سلمية لإضاءة شمعة فى ظلمات الطائفية.

أما العمى المركب، بصرا وبصيرة، فقد ظهر فى حالات محدودة عندما تصور بعض المتهوسين المتعصبين أن مسلمى مصر مسئولون عن المذبحة وأن الغضب العارم من الحادث المروع يمكن استغلاله فى إطلاق دعوات للقطيعة والعزلة بين المسيحيين والمسلمين فى مصر.

غير أنه ومن ألطاف الله، فى ظل هذه الحالة المتدهورة من العمى، ظهر رجلان مبصران، لا يزالان قادرين على الرؤية والرؤيا، تحدثا حديث الكبار فانصرفت عفاريت الفتنة، أعنى قداسة البابا شنودة وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر.. الأول صحح النظر لدى الجموع الغاضبة بعد أن طهر العيون من الخشبة والقذى.. والثانى ألقم المتربصون حجرا فتراجعوا عن العجرفة والغطرسة واعتذروا عن محاولتهم البائسة للعب دور الأوصياء.

وائل قنديل كاتب صحفي