قبل يومين نشرنا حكاية الشاب زكريا محيى الدين نقلا عن صحيفة نيويورك تايمز.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن حفيد رئيس وزراء مصر الأسبق الذى يبلغ من العمر 27 عاما، ترك القاهرة، وقررالإقامة فى قريته بكفر شكر، لينشر مبادئ الثورة التى شارك فيها منذ البداية، عن العدل والحرية والمساواة.
حتى الآن، فإن آلاف الشباب الذين أشعلوا شرارة الثورة الأولى، مازالوا يمارسونها على الفيس بوك، بعضهم انتقل إلى الفضائيات، وأسهموا مدفوعين بنفاق الإعلام ونفر من النخبة، فى تشويه الصورة النقية التى تليق بتضحياتهم منذ اندلاع شرارة الثورة الأولى وحتى رحيل مبارك، فتجاهلوا نضال من سبقوهم، وتناسوا تضحيات الملايين من العمال والفلاحين والموظفين والمهنيين والأكاديميين، ما دفع إعلاميا كبيرا مثل حمدى قنديل لأن يتهم الإعلام والسلطة بأنهما «دللا شباب الثورة أكثر من اللازم».
أعود إلى زكريا لأقول لكم، ونقلا عن الصحيفة أيضا، أن أهل قريته قالوا له: «ماذا قدمت لنا لجنتك الشعبية، صفحة على الفيس بوك، ماذا بعد، لو أردت أن تفعل شيئا فعليك أن تتواجد بين الناس، عليك أن تفعل مثل الإخوان المسلمين، فهم فقط من نشعر بوجودهم بيننا منذ اللحظات الأولى، هم يحلون مشاكلنا فى توفير المواد الغذائية، ويساهمون فى توفير العلاج للمرضى»، كان هذا هو الدرس الأول الذى تلقاه زكريا:
السياسة فى الشارع، بين الناس، وليس فقط على الفيس بوك وتويتر.
هذا الدرس لم تستوعبه أحزابنا العتيدة، التى اعتادت على نضال الميكروفونات داخل مقارها،والتى أقسم قادتها بأغلظ الإيمان عقب كل انتخابات، بأنهم الأحق بالأغلبية، لولا التزوير، ويدهشك الآن، أن رئيس حزب الوفد، أكبر وأعرق الأحزاب الليبرالية، المدافع طوال تاريخه الرائع عن مدنية الدولة، ضد تديين السلطة أو عسكرتها، يطالب الجيش بألا يرحل، ويرجونه أن يبقى عامين حتى تستقر الأمور فى البلاد،ويشجّع تأجيل الانتخابات البرلمانية، برغم أن فضائيته أذاعت قبل أسابيع نتائج استطلاع أجرته مؤسسة أجنبية، أكد تفوق حزبه على الإخوان بين صفوف الجماهير، وهى تناقضات تصيبك بالحيرة والحسرة معا.
نسيت أن أقول لكم، بالعودة إلى زكريا، إن مرشحا مغمورا للإخوان المسلمين أسقط رئيس حزب التجمع الراحل الأستاذ خالد محيى الدين فى دائرة كفر شكر، برغم ما للزعيم اليسارى من كاريزما وعزوة، ونضال باهر وخلق رفيع يشهد له الجميع، وبرغم محاولات حكومة الوطنى ذاتها إنجاحه.
جعل النظام السابق من الإخوان «فزاعة»، ليقول للغرب إما أنا أو حكم الإسلاميين، وتوشك الأحزاب القديمة والجديدة معا، أن تحوّل هذه الفزاعة إلى «شماعة»، تعلق عليها خيبتها وقلة حيلتها.
الدرس الأول لمن يرغب فى النجاح: قلّد الناجحين.