رياضة المهرجانات..! - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الإثنين 25 نوفمبر 2024 12:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رياضة المهرجانات..!

نشر فى : السبت 6 يونيو 2020 - 9:50 م | آخر تحديث : السبت 6 يونيو 2020 - 9:50 م

** ما هى القضايا الرياضية التى تناقشها الصحافة الرياضية والإعلام الرياضى حاليا.. هل هى أخبار البطولة والأرقام وتحليل المستويات العالمية والأولمبية أم أن القضايا التى يهتم بها الإعلام ووضعها أولوية لاعلاقة لها بالرياضة؟!..
** من كان يتخيل أننا بعد ما يقرب من مائة عام من ممارسة الرياضة الحديثة، سنصل فى القرن الحادى والعشرين إلى مرحلة نطالب فيها بتعريف القضية الرياضية التى تستحق الاهتمام؟
**ربما هى حكاية عصر ومجتمع، فما زلنا أيضا نرى الجدل نفسه فى السينما والغناء والأدب والثقافة.. وما زلنا نجتر من أزمنة مضت صوت حليم وأم كلثوم فى مواجهة ما يسمى بأغانى المهرجانات.. ولعل الرياضة باتت الآن ساحة لمباريات ليست مباريات؟!
** فقدنا الكثير من القضايا الرياضية الحقيقية. ولم تعد الرياضة ساحة للصراع الجميل والنظيف بين القدرة البشرية وبين الزمن والمسافة والوزن.
** كنت أحضر أيام الطفولة بطولة الجمهورية لألعاب القوى باستاد مختار التتش، وهى تقام ليلا على الأضواء الكاشفة، ويحضرها ما يقرب من عشرة آلاف أو عشرين ألف متفرج، فى دولة يصل تعداد سكانها إلى 26 مليون نسمة، وكانت بطولات السباحة يحضرها آلاف من المتفرجين والمشجعين وليس فقط أولياء الأمور. وكانت الصحافة الرياضية فى النصف الأول من القرن العشرين تهتم بالإنجازات الفردية، فى مختلف اللعبات، لدرجة أنه حين عبر السباح إسحاق حلمى بحر المانش كتبت جريدة الأهرام يوم الأحد 2 سبتمبر 1928 فى صدر صفحتها الأولى: «أول سباح شرقى يجتاز المانش».. واهتم داود بركات رئيس تحرير الأهرام بالحدث وكتب مقالا فى الصفحة الأولى يوم 7 سبتمبر 1928 تحدث فيه عن أمله فى أن تسير مصر إلى الأفضل بسبب فتيانها، ووصفهم بالأبطال الأشداء..
** اهتمت الأهرام دائما باللعبات الأخرى وأبطالها وبنشر الثقافة الرياضية وتغطية الألعاب الأولمبية. فعلت ذلك أثناء مشاركة مصر فى دورة باريس عام 1924 ثم دورة أمستردام عام 1928. وناقشت الجريدة النزاع الدولى الذى ثار بشأن مشاركة المحترفين و«الغواة» حسب النص القديم، ويقصد بهم الهواة، فى الدورات الأولمبية.. وكنت وما زلت أرى أن الرياضة نشاط إنسانى شديد الرقى يعلم الإنسان الكفاح النضال بشرف، وقبول الهزيمة، والاحتفاء بالانتصار فى كبرياء وتواضع..
** عندما أحرز الرباع السيد نصير ميدالية أولمبية مصرية، نظم من أجله أمير الشعراء أحمد شوقى قصيدة قال فيها:
« إن الذى خلق الحديد وبأسه
جعل الحديد بساعديك ذليلا
لم لا يلين لك الحديد ولم تزل
تتلو عليه وتقرأ التنزيلا
قل يا نصير وأنت بر صادق
أحملت إنسانا عليك ثقيلا»
وللقصيدة بقية لكنها تعكس صورة الزمن الذى يجعل شاعرا مرموقا مثل أحمد شوقى ينظم قصيدة من أجل بطل، وقد ألقى بها جعفر والى باشا رئيس النادى الأهلى فى حفلة تكريم السيد نصير.
** ظلت صفحات الرياضة فى الأهرام منبرا، وقد استمرت فى اهتمامها بتعريف قارئها بالمستويات العالمية والأولمبية، وتكتب تقريرا عن الأرقام والترشيحات والأبطال وتشارك فى الاستفتاءات العالمية، فى زمن لم تكن فيه المعلومة متاحة..
** وتدريجيا بدأت منافسات المهرجانات تطغى على ساحة الرياضة، وطوال سنوات وسنوات كنا نرفض كل ما هو مسىء وقبيح، ونطالب بتطبيق القانون، ونطالب من يملك تطبيق القانون اتخاذ إجراء للحد من طغيان سوء الأخلاق على ساحات الرياضة، لكن كرة الكراهية والتعصب أخذت تكبر وتكبر، مثل كرة الثلج تكتسح ما فى طريقها أو مثل كرة النار التى تحرق كل من يلعب بها، فأصبح القلم مجرد سيف يصارع طواحين الهواء لأن أحدا لا يحاسب بضم الياء، ولا أحد يحاسب بفتح الياء!

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.