كنت قرأت تعليقا ذات مرة للكاتب الكبير حسن المستكاوى عن اللاعب الذى يمثل كى يحصل على ضربة جزاء وبعد أن يحصل عليها يسجد لله شكرا. وهو ما تعرض له أحد اللاعبين مؤخرا بعد أن أحرز هدفا بيده فى مرمى الفريق المنافس.
وهو ما ذكرنى أيضا بتقرير حديث فى جريدة «الدستور» عنوانه «لماذا ينجح الطالب الأزهرى فى امتحان القرآن بالغش؟!» وتحته إجابة من صديقى عمار على حسن: الصحابة لم يحفظوا القرآن وطالب الأزهر يغش فى الامتحان لأنه فرد من مجتمع «الفهلوة».
وأتذكر كذلك أن صديقى سامح فوزى على صفحات «الشروق» كتب ما معناه أن الإنسان المصرى يخشى الفضيحة أكثر من خشيته الرذيلة.
وهو نفس المعنى الذى قاله الدكتور ماهر حتحوت عن أن الدولة التى تفرض على نسائها الحجاب بقوة القانون لا تنشئ مجتمعا من المؤمنات وإنما هو مجتمع من المنافقات. وقد فاجأتنى ابنتى بسؤال بعد أن عاشت فى مصر فترة ثم عادت إلى الولايات المتحدة حول مدى صحة عبارة كانت تكتبها عدة مرات حتى تتعود على الكتابة باللغة العربية: «النظافة من الإيمان». فسألتنى: هل هذا صحيح؟
فقلت لها طبعا. فردت على بأننا دائما نقول لها إن المصريين متدينون ومؤمنون، وهى طبعا صدقت كلامنا ثقة فى أن الوالدين لن يضللاها. لكنها عاشت فى الولايات المتحدة فوجدت النظافة ولم تجد التدين، وعاشت فى مصر فوجدت التدين ولم تجد النظافة.
وقد كتبت متسائلا ذات مرة: «إذا كنا متدينين، فلماذا متخلفون؟»
إذن هى كلها تنويعات على قضية واحدة: التدين منزوع الأخلاق.
وأنا والله لست ضد أن يتدين الإنسان، بل أنا أتمنى لنفسى أن أكون متدينا. لكن هناك معضلة أعتقد أننى أعرف جانبا منها وهو أن التدين ليس مسألة ثقافية فقط (قيم وشعارات وقصص من وعن الماضى)، ولكنه كذلك مسألة بنيوية هيكلية أى (structural) ومؤسساتية تنظيمية (institutional).
فلو أنا أعرف جميع القيم النبيلة عن الأمانة والصدق وغيرهما من الأخلاقيات ولم أجد معى أو أمامى أو بجوارى من وما يساعدنى على الالتزام بها فسأتحول إلى منافق خالص أعرف الحق ولا ألتزم به.
يا لها من مناسبة عظيمة لنا جميعا لو ذهب اللاعب إلى الحكم الليبى وقال له بشجاعة الفرسان: لقد لمست الكرة بيدى، ربما خسر النادى هدفا كان غالبا سيعوضه من أى من الهجمات الضائعة الأخرى، لكن كانت مصر وأمتها العربية كسبت مثالا استثنائيا فى النبل يساعدنا على أن نقول الحق ولو كان مرا.