البرادعى الذى كان - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:30 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البرادعى الذى كان

نشر فى : السبت 6 نوفمبر 2010 - 9:57 ص | آخر تحديث : السبت 6 نوفمبر 2010 - 9:57 ص

 عندما شنوا الحرب القذرة ضد الدكتور محمد البرادعى وشهروا بسمعة عائلته باستخدام صور ابنته كتبت فى هذا المكان متوجها إلى البرادعى «لا تحزن، أنت القيمة المحترمة وهم العراة من أى قيمة.. أنت القامة العالية وهم ما تحت التراب».

وقلت «وأظنها مناسبة لتحسم أمرك وتخوض معركة التغيير بكل ما أوتيت من وسائل وأدوات، وأذكرك بأنك قلت من قبل إنهم لم يتركوا لك خيارا سوى أن تكون ناشطا سياسيا، وها هم الآن لم يتركوا لك خيارا إلا أن تكون مقاتلا صلبا ومحاربا شجاعا».

وبعدها بأيام قلائل بدا لى وللكثيرين أن الدكتور البرادعى قرر أن يخوض معركة التغيير بمنتهى الجدية، حيث صدرت عنه فى سبتمبر الماضى تصريحات غاية فى الروعة والقوة تصورت معها أن الرجل استقر على أن يكون هنا بين الجماهير فى الشارع المصرى ليدشن نضالا حقيقيا من أجل التغيير.

ومن باب التذكرة جاءت تصريحات البرادعى على هذا النحو «السنة القادمة ستكون حاسمة.. سيكون هناك تغيير فى الحكم فى مصر قد يأتى بعد شهور أو عام.. العام القادم عام حاسم إذا نزلنا فى مظاهرة بالشارع فستكون الأولى والأخيرة فى عمر النظام السياسى.. فالعصيان المدنى الورقة الأخيرة وهى ورقة لا نود أن نستعملها ولكن لابد من استعمالها إذا لم يستجب النظام».

وكتبت فى ذلك الوقت أن هذه أخطر تصريحات للبرادعى منذ ظهوره فى أفق السياسة المصرية، وصفقت له طويلا وفعل كثيرون غيرى كانوا فى حالة من الريبة والتوجس من جدية الرجل فى سعيه لإحداث التغيير.

غير أنه وبكل أسف عاد البرادعى بعد هذه التصريحات القوية إلى حالة بيات وكمون وصمت لم تقطعه إلا تصريحاته لصحيفة الألمانية الأسبوع الماضى وظهر فيها أقرب إلى اليأس الكامل من إمكانية صناعة التغيير، حيث أعلن بوضوح أن «الرئيس القادم لمصر من الحزب الوطنى، وأنه لن يشارك فى الانتخابات الرئاسية المقبلة».

وأظن أن هذه النغمة اليائسة فى حديث الرجل الذى فرض نفسه كأيقونة للتغيير قد أصابت محبيه ومؤيديه بالإحباط، إلى الحد الذى أثار غضبا واسعا فى صفوف نشطاء دعم حملته الذين طالبوه بأن يتواجد فى مصر، ووفقا لتقرير الزميل أحمد فتحى فى «الشروق» أمس فقد عبر مؤسس أكبر مجموعة لتأييده عن شعور بالإحباط سببه لهم تأرجح البرادعى بين دور الشريك المشارك الفاعل المتفاعل، وبين دور الأب الروحى أو المنظر والملهم عن بعد.

وهذا الغضب من الأنصار والمحبين مبرر ومشروع وأخلاقى للغاية، ذلك أنه وكما قلت مرارا فإن الدكتور البرادعى هو سقراط التغيير، الذى أنزل فكرة التغيير من فضاء الأحلام إلى أرض الواقع، لكنه وبكل أسف صار بعيدا.. بعيدا جدا.

وائل قنديل كاتب صحفي