يصاب المرء بالدهشة حينما يرى غالبية المجتمع مندهشة بما فيهم بعض النخبة من وقوع الحادث الإرهابى الأخير فى العريش.
لماذا نندهش والحكومة لم تعلن أنها قضت على كل أوكار الإرهاب. وشاهدنا فى الأيام الأخيرة تصعيدا غير مسبوق فى العمليات الإرهابية الصغيرة فى غالبية أنحاء الجمهورية، وفى المقابل فإن غالبية مؤسسات الدولة لا تزال تعمل بنفس طريقة مبارك العقيمة. ثم إن الإرهابيين يكفرون الجميع ويقولون إنهم لن يتوقفوا عن إرهابهم إلا إذا حكموا البلاد أو دمروها على رءوس أصحابها.
بعد كل هذه المؤشرات، ما الذى يجعلنا نندهش ونتوقع أن تتوقف العمليات الإرهابية فورا؟.
السؤال هو متى نتوقف عن الاندهاش ونفكر بطريقة صحيحة فى كيفية مواجهة الإرهاب حتى يمكننا وقتها التفكير فى الانتصار عليه؟.
غالبية الخبراء والسياسيين «اللى بالى بالك» يقدمون وصفات جاهزة للقضاء على الإرهاب من قبيل القضاء على الفقر وإصلاح التعليم والصحة وجميع المرافق إضافة إلى تنمية سيناء ثم يسرح بعضهم أحيانا مقترحا حلولا كارثية من قبيل قتل مليون شخص حتى تستطيع بقية المجتمع أن تعيش!.
لو أن هذه هى شروط هزيمة الإرهاب فالمؤكد أننا لن نهزمه أبدا لأنها لن تتحقق بين يوم وليلة بالنظر إلى حالة مجتمعنا المؤسفة.
نردد مقولات لم نحاول أن نتحقق من صحتها وعلينا أن نفكر مثلا فى أن هناك دولا كثيرة انتصرت على الإرهاب ولم تطبق الروشتة نفسها بحذافيرها، فى حين أن دولا أخرى لا يشكو شبابها من البطالة، ولديها جميع أسباب الرفاهية وتعانى الإرهاب.
نتمنى أن نتحول الى مجتمع مثالى فورا لكن وبما أن ذلك لن يحدث بين غمضة عين وانتباهتها ونحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد والعرق والفكر والمال والتخطيط فعلينا أن نكون واقعيين قدر الإمكان.
وإلى أن تتغير ظروف مجتمعنا المأساوية وإلى أن نقنع الحكومة بضرورة التزام التفكير الصحيح والتخطيط الكامل وجب أن نؤكد أن أهم مطلب ينبغى أن تتحرك فى اتجاهه الحكومة هو تحصين المجتمع.
المجتمع عليه أن يدرك أن المعركة طويلة ولن نقضى على الإرهاب بين يوم وليلة. فى التسعينيات احتجنا ثمانى سنوات كاملة للانتصار على مجموعة صغيرة من الإرهابيين ولم يكن هناك التويتر والفيسبوك والآيفون والسماوات المفتوحة والتأثير والتداخل الدولى.
وعلى المجتمع ايضا أن يتهيأ لتقديم تضحيات كثيرة فى الفترة المقبلة حتى نتمكن من دحر الإرهاب.
وعلى وسائل الإعلام أن تدرك دورها الخطير،ليس بمنطق حشد القطيع ولكن بأن تؤدى دورها بمهنية وموضوعية وتقدم لصانعى القرار المعلومات الصحيحة والدقيقة حتى يتخذوا القرار الصحيح.
وعلى بعض هذه الوسائل أن تتوقف فورا عن «المندبة» التى تقيمها عقب كل عملية لأن طريقتها لا تفيد إلا الإرهابيين.
أما الحكومة فعليها أولا أن تتأكد أن كل شخص فى هذه المعركة خصوصا فى الأجهزة الأمنية فى مكانه الصحيح.
ليس عيبا تغيير فلان أو علان مهما كان منصبه أو مؤسسته ومهما كانت نواياه سليمة. المهم أن يكون كفئا وقادرا على أداء دوره بصورة صحيحة. قد يتم تعيين شخص مؤهل فعلا أو نعتقد أنه يملك المؤهلات للنجاح ثم لا ينجح. إذا أعطيناه فرصة لا يمكن منحه الثانية لأنه سيكبد المجتمع خسائر هائلة أهمها خيرة شباب مصر.
على الحكومة أيضا أن تقتنع أنه آن أوان تعميم ثقافة المتابعة والمراقبة والمحاسبة للجميع وفى مقدمتهم كبار المسئولين. لا نريد منها أن تفضح المقصر لكن عليها ــ على الأقل ــ أن تغيره فورا حتى لا يستمر المجتمع فى دفع الفواتير الباهظة.
العدو الذى نواجهه أشرس مما كنا نتصور وبالتالى علينا أن نتأكد كل يوم أننا نسير فى الطريق الصحيح.