بعد أسبوع تماما، يتوجه كبار المسئولين فى حركتى «حماس» و«فتح» إلى موسكو للمشاركة فى قمة خاصة تنظمها وزارة الخارجية الروسية وتستمر يومين، من أجل التوصل إلى مصالحة داخلية فلسطينية.
يترأس وفد «حماس» فى المناقشات رئيس المكتب السياسى إسماعيل هنية الذى ذهب إلى مصر لتنسيق المواقف بشأن موضوع المصالحة مع رؤساء الاستخبارات المصرية الذين بادروا إلى عملية المصالحة بين «حماس» و«فتح»، منذ سيطرة «حماس» بالقوة على قطاع غزة فى سنة 2007.
دعوة هنية إلى موسكو وجهها وزير الخارجية سيرجى لافروف فى نوفمبر الماضى، بعد جولة العنف الأخيرة التى أطلقت خلالها الحركة أكثر من 400 صاروخ على إسرائيل. يومها وجهت إسرائيل احتجاجا حادا إلى روسيا بواسطة سفيرها فى موسكو جارى كوهين، لكن الروس رفضوا الاحتجاج بذريعة أن «إسرائيل تتحدث بنفسها مع حماس».
أيضا السلطة الفلسطينية ليست راضية عن التدخل الروسى فى عملية المصالحة واستضافة زعيم «حماس» إسماعيل هنية فى موسكو. السفير الفلسطينى فى موسكو عبدالحفيظ نوفل قال فى مقابلة أجراها معه راديو فلسطين فى فبراير إن يومين فى موسكو لا يكفيان لجسر الخلافات بين «حماس» و«فتح»، لكن المقصود رسالة روسية إلى جميع الفصائل الفلسطينية أن روسيا مستعدة لتوظيف جهود فى موضوع المصالحة الداخلية الفلسطينية.
بالاستناد إلى مصادر رفيعة فى «فتح» يؤخر عباس إعلان الحكومة الفلسطينية الجديدة كى يُظهر للروس أنه مستعد لإعطاء فرصة لمبادرة المصالحة التى يقومون بها، ومن المفترض أن تكون الحكومة الفلسطينية الجديدة حكومة وحدة وطنية تشمل مندوبين من جميع الفصائل الفلسطينية الأعضاء فى منظمة التحرير الفلسطينية، من دون مندوبين عن حركتى «حماس» والجهاد الإسلامى. (أعلنت الجبهتان الشعبية والديمقراطية أنهما لن تشاركا فى الحكومة – المحررة).
لا يتعامل الروس مع «حماس» بصفتها تنظيما ارهابيا بل كفصيل فلسطينى شرعى ومهم. وقد صوتوا فى الأمم المتحدة قبل شهرين ضد اقتراح السفيرة الأمريكية نيكى هايلى إدانة «حماس» لإطلاقها الصواريخ على إسرائيل.
وبينما يرفض الرئيس بوتين دعوة رئيس الحكومة نتنياهو إلى زيارة موسكو، منذ حادثة إسقاط طائرة التجسس الروسية من منظومة الدفاع فى الجيش السورى، يحاول الرئيس الروسى تجديد التدخل الروسى فى الموضوع الفلسطينى، والتحول إلى طرف مؤثر فى هذه الساحة من خلال لعب دور الوسيط بين «فتح» و«حماس».
بحسب مصادر رفيعة فى السلطة الفلسطينية، تحاول روسيا حاليا تعزيز نفوذها الإقليمى على خلفية عداوتها مع إدارة ترامب والتقدير أنه مباشرة بعد الانتخابات فى إسرائيل سيقدم الرئيس الأمريكى خطته الجديدة للسلام المعروفة بـ«صفقة القرن» وسيحاول الدفع بها قدما بمشاركة كل الأطراف على الرغم من المعارضة الفلسطينية لها.
يحاول الروس تعزيز نفوذهم بما يتلاءم مع مصالحهم ولا يستنكفون عن أى اتصال رسمى مع حركة «حماس». تقربت روسيا من «حماس» بدءا من سنة 2006، بعد فوزها فى الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، ومنذ ذلك الحين تجرى مع الحركة حوارا سياسيا يتجلى أحيانا فى زيارات يقوم بها كبار المسئولين فى «حماس» إلى موسكو.
ترفض روسيا الانتقادات الموجهة إلى علاقتها بـ«حماس» وتدعى أن هذه العلاقة تساعد على جعل الحركة أكثر اعتدالا وتشجعها على التخلى عن العنف.
فى «حماس» مسرورون جدا من التحرك الروسى ومن مبادرة عقد المؤتمر فى موسكو، فمن المتوقع أن يمنح اللقاء الشرعية للحركة، وأن يساعد فى تقدير أطراف فى «حماس» على حشر رئيس السلطة الفلسطينية فى الزاوية وإظهاره كرافض رئيسى لعملية المصالحة الفلسطينية.
فى تقدير مصادر رفيعة المستوى فى السلطة الفلسطينية أن المبادرة الروسية ستفشل فى نهاية الأمر، لكن الروس سيربحون نقاطا و«موطئ قدم» من جديد فى الساحة الفلسطينية، وليس من المستبعد أن يحدد الروس مواعيد لقاءات أُخرى بين الطرفين وأن يحاولوا المحافظة على تدخل دائم فى موضوع المصالحة الداخلية الفلسطينية.
محلل سياسي
موقع مركز القدس للشئون العامة والسياسة
مؤسسة الدراسات الفلسطينية
يونى بن مناحيم