أمرنا غريب نحن الشعب المصرى، نطالب بالجديد والتجديد، وعندما تأتى نسمة تجديد، نُهاجم ونخـِّون ونشتم من تجرأ وجدد، أمرنا غريب، تظل أبواق الإعلام تنادى ليل نهار قائلة « فكروا خارج الصندوق » وعندما تأتى بعض الأفكار الجديدة خارج الصندوق، تكون أبواق الإعلام أول من تهاجم أى تصرف لأى مسئول يريد أن يخدم البلد. أمرنا غريب، نطالب بمسئولين ذوى حيثيات جديدة وأساليب جديدة وعندما تجدهم الحكومة وتعينهم تهتز الشبكة العنكبوتية من أدنى المعمورة إلى أقاصيها، وتزداد عقدا من جراء هجوم مستخدميها على هؤلاء المسئولين دون أن تعطيهم فرصة أو نفس لإظهار ما فى جعبتهم من أساليب جديدة لخدمة المجتمع، أقول هذا بمناسبة الهجوم الشرس على السيدة قرينة محافظ الإسكندرية والمحافظ نفسه، ذلك جراء إظهارها بعض الاهتمام فيما يفعله زوجها خاصة فى قطاع البيئة والعشوائيات. ربما وجود زوجة محافظ الإسكندرية أزعج البعض، لأنه ليس من ثقافة وعادات والتقاليد المصرية، رغم أن زوجة سيادة المحافظ لها باع طويل ورائدة من رواد البيئة بالمعادى وخبرة فى العشوائيات، وإن لم تكن هكذا لما طالبت السيدة ليلى اسكندر وزيرة التطوير الحضارى والعشوائيات حضورها فى الاجتماعات بصفتها رئيسة جمعية رواد البيئة بالمعادى، وذلك بهدف الاستفادة من خبراتها فى مجال الحفاظ على البيئة، ونقل خبرة ما أتمته فى ضاحية المعادى إلى مدينة الإسكندرية، التى تعانى معاناة شديدة من العشوائيات والتشوهات البيئية والمخالفات والزبالة إلى آخر المواضيع التى نعلمها جميعا.
محافظة الإسكندرية هى محافظة بحرية تطل على البحرالمتوسط، ولها خصوصية، لأنها تطل على العالم وتدل على انفتاحها وانفتاح مصر على العالم بأسره، وكانت الإسكندرية عاصمة العالم القديم منذ أن أسسها الإسكندر الأكبر المقدونى، وعرفت بمكتبتها القديمة وفنارها ومدارسها. وفى الحقبة المسيحية، أسس فيها القديس مرقس كنيسة مصر التى عرفت بمدرستها اللاهوتية وما إلى ذلك، وحتى الخمسينات من القرن الماضى كان سكانها مصريين، ولكن أيضا شواما ويونانيين وإيطاليين ويهودا وأرمن وغيرهم من البلاد المطلة على البحر المتوسط، مما أعطى للإسكندرية وجها متعدد الحضارات والثقافات، تشهد على ذلك مبانيها العريقة وشوارعها التى كانت جميلة، وأولها الكورنيش. لذا نتشوق لهذه الأيام التى ستعود مع عودة رونقة الإسكندرية التى فيها كل المقومات لتكون من أول مدن العالم فى الثقافة والآثار والفن والجمال والانفتاح على العالم وما إلى ذلك.
السيد المحافظ من عائلة كريمة وكذلك السيدة زوجته، وإذا وسعنا مداركنا بعض الشيء وفكرنا خارج الصندوق، سنجد أن المحافظ وزوجته يعطيان مثلا صالحا فى خدمة المجتمع، فهى قيمة مضافة لمجتمعنا أن كل عائلة من الرسميين أو المجتمع المدنى يعملون على خدمة المجتمع الذى يعيشون فيه، فالمسئول ليس للفخفخة أو المظاهر أو اللقاءات الصحفية، بل العمل الجد وقد بدأ السيد المحافظ مع زوجته فى إعطاء المثل الحى، فهما يعملان معا فى خدمة قطاع من أصعب القطاعات ليس فقط فى الإسكندرية، بل فى مصر كلها وهى العشوائيات.
ربما المصريون " اتعقدوا " من تدخلات " السيدة الأولى " فى نظام سابق، وهم على حق، ولكن هذا ليس مبررا للهجوم الشرس والتجريح الشخصى، خاصة من بعض الإعلاميين أوالإعلاميات الذين تجاوزوا كل حدود اللياقة والأدب والأخلاق، أساءوا فيها لأنفسهم قبل الإساءة لغيرهم. فأقول للسيد المحافظ وزوجته الكريمة لا تلتفتان إلى تلك الهجمة الشرسة، ولاتحبطان، ولكن مع بعض الحكمة ستتجاوزان هذه الهجمة، خصوصا عندما تظهر ثمار الأعمال والتجديدات وعائدها على المواطن المصرى السكندرى البسيط الذى يتشوق إلى مكان نظيف وعيشة كريمة ، فأبحر إلى العمق يا سيادة المحافظ، ولا تنظر إلى الوراء.