تردد فى الأسبوع الماضى على وسائل التواصل الاجتماعى خبر مفاده: أن هناك اتجاها لمراجعة دراسة وسيلة تتيح للصيادلة التحول إلى أطباء بشريين بعد استكمال دراسات علمية تتيح لهم معادلة شهاداتهم والسماح لهم بممارسة المهنة. الواقع أن موقف نقيب الأطباء كان قاطعا بعد أن رفض الأمر جملة وتفصيلا.
أكتب اليوم بصفتى عضوا عاملا بنقابة الأطباء، وإنسانا مصريا مهموما بقضايا وطنه، لا يدفعنى للإدلاء برأيى اليوم إلا مسئولية أراها فرض عين على جنود الصف الأول، وهم يواجهون عدوا لا يرى بالعين المجردة، بينما ضحاياه يتساقطون بالآلاف على سطح الكرة الأرضية ما دون حدود جغرافية.
هذا الطرح غير وارد «تحويل الصيادلة إلى أطباء بشريين بعد دراسات لمعادلة الشهادة» هو طرح وارد فى سياق آخر فى أكثر بلاد العالم تقدما، حيث يشترط قبل الالتحاق بكلية الطب الانتهاء من دراسات تؤهل لدراسة الطب فى كليات العلوم والصيدلة، بل هناك كليات تشترط أدوارا فعالة فى خدمة المجتمع، إلى جانب الدراسات العلمية قبل التقدم لاختبارات القبول لدراسة الط ، بعدها يخضع الطالب لاختبارات نفسية وذهنية ملزمة يجب أن يجتازها بصورة مرضية تنبئ بقدراته على تشخيص وعلاج إنسان وضمان سلامته.
إذا كان الأمر يناقش لمحاولة مواجهة ظاهرة هجرة الأطباء وتناقص أعدادهم على المدى الطويل، فأهلا بالصيادلة وخريجى العلوم والعلاج الطبيعى والمعهد العالى للتمريض طلابا فى كلية الطب بعد الانتهاء من دراساتهم التى صممت خصيصا للعمل فى مجالات الصيدلة والعلوم والعلاج الطبيعى والتمريض. تلك دراسات تشكل أرضية علمية تخدم دراسة الطب بمقررات نظرية وإكلينيكية وضعت خصيصا لتأهيل طبيب يبدأ بعدها التخصص. حتى التخصص أصبح أكثر تخصصا، فعلى سبيل المثال طبيب أمراض القلب يبدأ بتخصص الأمراض الباطنية ثم ينتقل إلى تخصص أمراض القلب ولا يقف الأمر عند ذلك بل يجب أن يجتهد فى تخصص أكثر محدودية كالعلاج بالقسطرة أو التشخيص بوسائل مختلفة أو فسيولوجيا كهرباء القلب أو هبوط عضله القلب.. وغيرها من تخصصات بالغة الدقة.
إذا كان هذا الطرح جاء نتيجة لما نعيشه من ملابسات زمن عسير أو أيضا نتيجة لتناقص عدد الأطباء وحاجة الوطن على المدى القصير لمقدمى خدمة طبية فاقتراحى هو:
منهج موحد يتم إعداده اعتمادا على الخلفية العلمية للصيادلة وخريجى العلوم والعلاج الطبيعى ومعهد التمريض العالى لتقديم الخدمة الطبية اللازمة فى وقت الأزمات والكوارث إلى جانب مهام الطب الوقائى التى بلا شك أصبحت حجر الزاوية فى برنامج حماية النفس البشرية وستستمر الحاجة إليها ملحة ودون انقطاع.
النجاح فى نهاية الدراسة التى يجب أن تضم ساعات عمل فعلية فى تقديم الخدمة الطبية لمحتاجيها يكفل الحصول على شهادة علمية لدراسات ما بعد البكالوريوس يمكن العمل بها فى وظائف وظروف يحددها الدولة.
هذا هو ما يجب مناقشته اليوم إذا ما كنتم بالفعل مهمومين بقضايا وطنكم أو راغبين فى استمرار الحياة التى تتسرب من بين أصابعكم وأنتم لاهون.