ثلاثة أشهر مع النفاذ، كان الحكم الذى نطق به القاضى فى أول قضية تتعلق بالأمانة العلمية فى إنجلترا. للإنجليز أحوال يعرفها العالم فهم إن كانوا أول من يسجل الشطط فهم أيضا سادة القوانين وأخلاقيات العلم والمهنة. بدأت لديهم أول تجارب التلقيح الصناعى وأطفال الأنابيب والاستنساخ لكن العقلاء منهم كانوا دائما الأسبق لصياغة قوانين وأخلاقيات تجذب خيطا رفيعا واضحا يقطع ما بين ما هو أخلاقى أو العكس.
الحكم صدر واجب النفاذ على د.ستيفن ايتون S.Eaton البالغ من العمر سبعة وأربعين عاما، الباحث العلمى الذى عرف باجتهاده فى مجال أبحاث السرطان والأدوية المكافحة. إيتون كان يعمل لشركة «اتبوبت» الأمريكية المنتجة للأدوية بمدينة أدنبره باسكوتلندا حينما بدأ فى تزوير نتائج الابحاث التى يجريها عام 2003.
قام الباحث الإنجليزى بالتلاعب فى تحديد جرعات الدواء فسجل جرعات مختلفة التركيز، الأمر الذى معه بدأت النتائج مرضية بفاعلية الدواء إذ إن الدواء كان بالفعل يعطى لأفراد متطوعين لإجراء البحث عليهم. الواقع أن الدواء كان غير ذى قيمة ولا فاعلية بينما سجلت الأبحاث نتائج تشير إلى ضرورة استكمال أبحاث تالية بغرض الانتهاء من صيغة نهائية للدواء تتقدم به الشركة للحصول على تصريح إنتاجه بين وكالة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).
نقلت كل وسائل الإعلام البريطانية الخبر وأفردت له تعليقات ومعلقين فقد كان ايتون اول عالم إنجليزى يحاكم ويحكم عليه وفقا لقوانين الأمانة العلمية التى تم تشريعها عام 1999.
جاء فى الحكم أن الباحث قد تلاعب بالنتائج الأمر الذى أدى الى تأخير فى عمليات تطوير عدد من الأدوية التى كان يمكن طرحها للعلاج. هدم مستقبله العلمى قبل أن يبدأ وخسر سمعته وأنهى علاقته بالبحث العلمى وكان عليه أن يقضى ثلاثة أشهر بين المجرمين والمذنبين لأنه خان الأمانة العلمية حين غير بعضا من النتائج التى حصل عليها. الواقع أن ما فعله بشهادة المحققين والشهود والمحكمة لم يتسبب فى أذى لأى من المتطوعين لكن الأمانة العلمية بلا شك لا تقبل مساومات!
سؤال بالفعل لا أعرف إجابته وأتمنى لو تفضل أى من السادة القضاة المحترمين بالإجابة عنه. هل لدينا تشريعات للأمانة العلمية فى مصر؟
إذا كان لدينا يجب إحياؤها وإن لم يكن فيجب أن نبدأ بالتفكير فيها. أرانا أحوج ما نكون إليها الآن.