ثورة البيانات وطرق أفضل لتمويل التنمية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:44 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثورة البيانات وطرق أفضل لتمويل التنمية

نشر فى : الإثنين 8 يونيو 2015 - 10:10 ص | آخر تحديث : الإثنين 8 يونيو 2015 - 10:10 ص

نشر مركز بروكينجز مقالا تحليليا لكل من «جيل هيرلى» إخصائى شئون سياسة تمويل التنمية، فى برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، و«جوس فيربيك» مستشار فى مكتب المبعوث الخاص لرئيس البنك الدولى. حيث يبحث المقال فى طرق تمويل جهود التنمية حول العالم، كاشفا عن عدم قدرة المنظمات الدولية القائمة على التنمية من توجيه وتحديد إنفاقها، مشيرا إلى أهمية ثورة البيانات فى تحديد واعتماد المعلومات الصحيحة لتحقيق الهدف من وراء التنمية.

ويشير المقال فى بدايته إلى أنه مع مطلع عام 2016، سوف تطلق الأمم المتحدة مجموعة جديدة من الأهداف الإنمائية المستدامة لدفع جهود التنمية فى جميع أنحاء العالم. ولكن هناك سؤال لايزال يحتاج إلى بعض التفكير: كيف سيتم تمويل هذه الأهداف الجديدة؟

بل إن هناك المزيد من الأسئلة تكمن فى هذا السؤال الأوسع نطاقا عن التمويل. ما هى الدول التى تحتاج إلى مزيد من الموارد؟ ما هى أنواع الموارد التى تكون الحاجة إليها أكثر؟ إلى أين يتدفق التمويل الدولى حاليا، فى القطاعين العام والخاص؟ وأين يقف هذا التدفق؟ وتتطلب الإجابة عن كل هذه الأسئلة بيانات مؤكدة وسهلة لفهم عن جميع التدفقات المالية الدولية.

وعندما تجتمع الحكومات فى يوليو فى أديس أبابا، للاتفاق على إطار لتمويل جدول أعمال التنمية المستدامة الجديد، سوف تكون هناك فرصة مهمة لتحسين النهج العشوائى القائم لجمع البيانات وإعداد التقارير.

وبمعنى آخر يوضح المقال أن هناك بالفعل بيانات غير مسبوقة فى المتناول. ومع ذلك، وعلى سبيل المثال، إذا طُرِحَ على قيادات الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولى، والبنك الدولى سؤالا عن حجم تمويل البلدان ذات الدخل المنخفض فى سنة معينة ومصادر هذا التمويل، سوف تتلقى إجابة مختلفة جدا عن بعضها. وهو ما يرجع لمجموعة متنوعة من الأسباب، ويقوم المقال بإيضاحها كما يلى:

أولا، تحديد المعنى: لا يستخدم الجميع تعريف «البلدان ذات الدخل المنخفض» بنفس المعنى؛ فلدى البنك الدولى ينطبق التعريف على 34 دولة. وصندوق النقد الدولى لديه 60 بلدا، وتستخدم الأمم المتحدة تسمية مختلفة تماما (البلدان الأقل نموا، التى يوجد منها حاليا 48 بلدا).

ثانيا، التفاوت فى الدقة: عندما يتعلق الأمر بتقارير التدفقات المالية الدولية، تستند دقة الأرقام بالطبع إلى قدرة البلد المعنى على جمعها وتقديم تقرير بشأنها. ويمكن أن تكون عدم دقة البيانات مشكلة خاصة فى البلدان ذات الدخل المنخفض.

ثالثا، أسلوب الحسابات: تعتمد كل مؤسسة تدفقات معينة، وتختلف طرق الحسابات فيما بينها.

ويؤدى اختلاف المنهجيات، والتعريفات، والاختصاصات المؤسسية، والمصادر، فضلا عن التداخل، إلى صعوبة إجراء المقارنات. فعلى سبيل المثال، لا يوجد تعريف موحد للاستثمار الأجنبى المباشر، وهو فى الأساس أكبر مصدر للتمويل الأجنبى الخاص فى البلدان النامية. نفس الشىء فيما يتعلق بمساعدات التنمية. ويستخدم أعضاء لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، تعريفا واحد فقط للمساعدات (المساعدة الإنمائية الرسمية)؛ بينما يحدد جميع المانحين الآخرين المساعدات وفقا لاختيارهم.

•••

ويؤكد المقال فى نفس الوقت، أنه لا يتم تتبع التمويل من الدول غير الأعضاء فى لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية (على سبيل المثال، البرازيل، الصين، والهند) أو إعداد التقارير عنه بأى طريقة منهجية. وقد ظهر مصطلح «التعاون فيما بين بلدان الجنوب» لوصف خليط غير متجانس من التدخلات التى فى شكل المساعدات أو غير المساعدات، التى تربط الاستثمار والتجارة والتمويل بشروط ميسرة وغير ميسرة، فضلا عن تقديم المساعدة التقنية فى إطار نفس التسمية. ولكن لا توجد تعريفات موحدة أو منهجيات لحساب أو إعداد التقارير عن هذه التدفقات، حتى عندما تتوفر بيانات.

ومع المزيد من توسع نطاق المانحين فيما بعد 2015، تصبح هذه التحديات أكثر حدة. ومما يزيد من تعقيد الصورة، أن البنك الدولى يقوم بجمع بيانات الديون الخارجية لكل قرض على حدة من البلدان المتلقية، باستثناء المنح، بينما يجمع صندوق النقد الدولى بيانات ميزان المدفوعات. وبالمثل، تكون البيانات على المساعدات الخاصة على سبيل المثال، العمل الخيرى، متحيزة.

وتهدف مبادرة الشفافية فى مجال المعونة الدولية إلى إتاحة المعلومات حول الإنفاق على المساعدات العامة والخاصة على نحو أكبر وجعل فهمها أسهل. لكن الجهات المانحة للمساعدات مثل الحكومات والمؤسسات ترفع تقاريرها إلى المبادرة على أساس طوعى تماما. وتتداخل بعض هذه البيانات ـ التى لديها منهجيتها الخاصة أيضا ـ مع البيانات الواردة فى تقارير منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.

وأخيرا، تطوير التحريف: فقد أصبحت أدوات التمويل أكثر تعقيدا خلال السنوات الأخيرة، ولا سبيل هناك حاليا بأى حال من الأحوال، لحساب مقدار «الاستدانة» من أجل التنمية من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والأدوات المالية المشتركة الأخرى. وسوف يتوسع الكثير منها فى دعم الأهداف الإنمائية المستدامة. هناك جهد مستمر داخل منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية لتطوير مقياس جديد لـ «إجمالى الدعم الرسمى من أجل التنمية المستدامة»، يهدف إلى التغلب على بعض هذه التحديات. وسيكون هذا مفيدا، ولكن المانحين للتمويل الرسمى من خارج لجنة المساعدات الإنمائية، الذين لم يتبنوا هذا التعريف، قد يختارون(أو لا يختارون) تقديم تقارير عن ذلك.

وكمثال على ذلك، يعادل الاستثمار الأجنبى المباشر فى أفغانستان عام 2010 طبقا للبنك الدولى وصندوق النقد الدولى 75 مليون دولار؛ بينما يبلغ وفقا لتقديرات منظمة الأونكتاد 211 مليون دولار. وفى حالة بوركينا فاسو، تشير تقارير البنك الدولى إلى أنها تلقت فى عام 2010 ما يعادل 763 مليون دولار فى شكل منح، فى حين قدرتها منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية بنحو 888 مليون دولار. ويمكن حل هذا التفاوت، عندما تقرأ «التفاصيل الصغيرة» حيث يستبعد الرقم الأول التعاون التقنى فى حين أن الأخير يشمل ذلك. ولكن قراءة التفاصيل الصغيرة لا يجب أن تكون ضرورية ويمكن أن تؤدى بسهولة إلى أخطاء.

باختصار، تصعب المقارنة للغاية مع اختلاف التعريفات والمنهجيات والمصادر، فضلا عن التداخل. فمن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، الحصول على صورة كاملة ودقيقة للتدفقات المالية الدولية فى ظل الترتيبات المؤسسية الحالية.

•••

ويبين المقال أننا نواجه الآن ما يسمى ثورة البيانات. ومن ثم هناك المزيد من الفرص أكثر من أى وقت مضى لتجميع وإنتاج بيانات ذات جودة عالية وتوفير المعلومات الصحيحة لوضعها فى نصابها الصحيح فى الوقت المناسب، وبطرق تكون فى متناول الجميع.

وحتى يتم تنفيذ الأهداف الإنمائية المستدامة بنجاح، لابد من وصول أنواع التمويل (الدولى) المناسبة، إلى الأماكن التى تحتاجها، وذلك فى الوقت المناسب. ومن ثم، هناك حاجة واضحة لتوحيد تعريفات البيانات والمنهجيات والمصادر ونشر البيانات فى صيغ مشتركة ومفتوحة وإلكترونية. ومن المرجح قيام استثمارات ضخمة لتحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة على مدى الخمسة عشر عاما المقبلة، من مجموعة متنوعة من المصادر العامة والخاصة، فضلا عن الأدوات المالية سواء المنشئة للديون أو غير المنشئة للديون.

وإذا أردنا لتأكد من أن عملية التنمية شاملة ومستدامة (وأننا لا نزرع بذور أزمات الديون فى المستقبل)، سيكون على المؤسسات المالية الدولية والأمم المتحدة العمل على التأكد من أننا يمكن أن نحسب بدقة حجم التمويل الدولى ومناحى توجيهه.

ويشير المقال فى نهايته إلى أن مؤتمر أديس أبابا يوفر لتمويل التنمية فرصة للخروج ليس فقط بحلول يمكن أن تساعد فى تمويل أجندة التنمية الجديدة، ولكن أيضا بالتزام نحو تنسيق البيانات بشأن التدفقات المالية الدولية. وهو ما ينبغى أن يكون من السهل التوصل إلى اتفاق بشأنه فى أديس أبابا، وتنفيذه بعد ذلك قريبا.

التعليقات