كلف السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الحكومة والحكومة الجديدة فى وثيقة التكليف بأولويات واضحة المعالم، الأولى منها خاصة بالأمن القومى، وهذا طبيعى فى ظل الحروب المتعددة التى نمر بها فى منطقتنا، لكن الأولوية التالية مباشرة فى التكليفات الرئاسية هى «بناء الإنسان المصرى» خاصة عبر تطوير وتحديث أنظمة الصحة والتعليم وزيادة فى المشاركة السياسية، وهذه أمور لها الأولوية القصوى، لكن هذا لن يتحقق إلا إذا عملنا جميعًا حكومة وشعبًا وإعلامًا على «تكوين الإنسان» المصرى وليس فقط بناءه، فالتكوين جزء لا يتجزأ من بناء الشخصية المصرية.
فبناء الإنسان هو تهيئة المناخ لعيش المواطن المصرى بكرامته الإنسانية من حيث تغطية احتياجاته كمواطن وكإنسان من حيث توفير المسكن اللائق المناسب والمأكل والمشرب الكافى والطرق والمواصلات الآدمية وما إلى ذلك وقد عملت الدولة طيلة العشر سنوات الماضية بجد والتزام فى تحقيق ذلك رغم الصعوبات الاقتصادية الخانقة التى مرت وما زالت تمر بنا، لكن أيضًا من الضرورى العمل على «التكوين الذهنى» للمصرى المبنى على تغليب المنهج العقلى بعيدًا عن العشوائية التى وسمنا بها جميعًا فى أغلب مناحى الحياة وذلك لن يأتى إلا بالثقافة بجانب التعليم، فالثقافة تعنى الانفتاح على العالم وتاريخه وأدبه وعلمه خاصة أن هذا هو ما يحتاجه شبابنا إذ فى أيامنا هذا لا يستقى معلوماته إلا من مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت الذى يحمله معه فى جيبه فى كل مكان من خلال التليفون المحمول وعيونه شاخصة نحوه معظم الوقت، ونحن نعلم جميعًا أن فى النت أشياء عظيمة تضيف لثقافة ومعلومات الإنسان الكثير والكثير، لكن فى نفس الوقت هناك مواقع بعيدة كل البعد عن أخلاقياتنا وتعاليمنا الدينية وتقاليدنا وأيضًا تروج للشائعات والتعاليم الفاسدة لذا شبابنا يحتاج إلى ذهنية متقدة تستطيع أن تمييز بين ما هو صالح وما هو طالح، ما هو مفيد وما هو كاذب، ما هو علمى وما هو خرافات أى أن التكوين الذهنى المبنى على تغليب المنهج العقلى هو ما يحتاجه شبابنا، وذلك سيقوى عنده الفطنة لكل ما حوله وما يتلقاه.
والشىء التالى لذلك هو تكوين الناس خاصة الشباب على الحرية، وأن الحرية ليست الغوغائية بل الحرية هى الحرية المسئولة بالقول والفعل، فكما يقول القديس أغسطينوس «حرية الإنسان تقف عندما تبدأ حرية الآخر أو الآخرين»، الحرية فى التفكير والحرية فى التدبير والحرية فى النقد وإلى آخر.
الشىء الثالث الذى نحتاج إليه هو الانضباط، الانضباط فى الشارع، الإنضباط فى النظافة، الانضباط فى المواعيد، الانضباط فى العمل، الانضباط فى ترتيب الأولويات وهلم جر.
لذا أقترح، أن على الحكومة أن تستعين بعلماء النفس والاجتماع لتوصيف شعبنا توصيفًا علميًا دقيقًا وكيفية العمل على تصحيح بعض الشوائب التى قد تعطل مسيرة الجمهورية الجديدة والارتقاء ببلادنا.