وصلت إلى مونتريال ـ كندا بعد انقطاع دام لشهور طويلة إثر المد الذى أحدثته عدوى كوفيد ١٩ ومعه تقطعت صلات كثيرة كانت لها صفة الدورية. ساد شعار فى التباعد حياة فتجمدت العلاقات بين الدول وانقطعت الصلات وتوقف الجميع قسرا عن السفر والرحلات. أكملت ما تصورت أنه لازم للرحلة من القاهرة فتناولت اللقاح الذى هيأته الدولة للسفر جونسون آند جونسون وهو بالفعل أحد اللقاحات التى يعترف بها فى كندا: فايزر، مودرنا، استرازينيكا، جونسون.
بينما لا يعتد باللقاحات الصينية أو الروسية الصنع.
وأجريت المسحة قبل موعد سفرى باثنتين وسبعين ساعة أما الأهم فقد كان ذلك الملف الذى تشترط كندا أن تجيب فيه وباستفاضة علی مجموعة من الأسئلة صنعت بعناية للتأكد من أنك قد تناولت اللقاح وأنك لا تعانى من أى أعراض تشى بأنك حامل للمرض أو مريض بالفعل. عند الوصول كان أول ما تسأل عنه هو هذا الملف وإن كنت قد تلقيت ردا بشأنه على البريد الالكترونى وكان قد حدث بالفعل فتم السماح لى بالدخول دونما أى صعوبة وأخبرنى موظف الهجرة أنه يمكننى أن انتقل بحرية وأنه مسموح لى بممارسة جميع الحقوق فى التنقل داخل كندا ومقاطعاتها على أن أحمل دائما معى ما يفيد أننى قد تناولت اللقاح والتزمت بكل الإجراءات الاحترازية. حمدت الله تعالى لأن الأمر البديل إذا دخلت كندا بدون تطعيم أن تتناول اللقاح فى المطار ـ يقدم مجانا ــ عليك بعدها أن تلتزم بيتك أو فندقا لمدة أسبوعين فى حالة عزل كامل بالطبع هم يراقبونك تحت زعم الاطمئنان عليك فى اتصالات تليفونية متكررة ولهم الحق فى السؤال عنك المحيطون بك.
الأمر بالفعل واضح ومنظم وملزم تماما للمسئولين من جهة وللمواطنين بلا استثناء من الجهة الأخرى.
تلفت أتأمل المدينة التى ألفتها لسنوات طويلة.. الشوارع العريضة الطويلة التى تمتد فى توازٍ بطول المدينة.. الأشجار السامقة الضخمة بألوان الخريف البديعة على الجانبين.. المبانى التى تعكس تباينا تألفه العين بين العمارة القديمة بالغة الفخامة والأخرى متطرفة الحداثة.. ولكن أين الناس؟
ما زالت السينما مغلقة فى مونتريال ولا برامج للباليه الكندى على مسرح ألفريد بلتين الشهير.. محلات كثيرة أغلقت أبوابها حتى تلك التى اعتدت أن اشترى منها المجلات والجرائد العالمية اختفت.. ماكينات سحب النقود الآلية رفعت كلها حتى التليفونات العامة لم يبق لها أثر.. إجراءات احترازية لمنع انتشار العدوى. هى إذن بالفعل مونتريال خلف القناع.
الفيروس اللعين أصاب المدينة الجميلة فى مقتل.. تركها تعانى إيقاعا بطيئا للتعافى أظنها لم تعرفه من قبل.
المستشفيات فى حالة من الكمون غريبة لا تستقبل مرضى ولا يسمح لهم بمقابلة الطبيب إلا فى حالات نادرة، تطلب المستشفى لتحديد موعد لتتحدث لطبيبك على الهاتف بعد سلسلة من المكالمات مع التمريض والمساعدين على مدى أيام طويلة كافية لأنه إما إثناؤك عن رغبتك فى مقابلة الطبيب أو يتدخل سبحانه لحل الموقف! الحل البديل التوجه للطوارئ ليناظرك ممارس عام أو نائب حديث التخرج بعد فترة انتظار قد تطول لساعات!
لله الأمر من قبل ومن بعد..
وعمار يا مصر يا محروسة