ما الظروف التى قد تدفع الجيش الإسرائيلى للدفاع عن الدروز داخل سوريا؟ - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 3:31 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما الظروف التى قد تدفع الجيش الإسرائيلى للدفاع عن الدروز داخل سوريا؟

نشر فى : الأربعاء 8 نوفمبر 2017 - 10:30 م | آخر تحديث : الأربعاء 8 نوفمبر 2017 - 10:30 م
نشرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية مقالا للمراسل العسكرى «رون بن يشاى» والذى يتناول تداعيات الهجوم الأخير الذى شنته جبهة النصرة على قرية حضر ذات الأغلبية الدرزية والواقعة بالقرب من الجولان السورى المحتل من قبل إسرائيل، كما يوضح محاولات إسرائيل للدفاع عن الدروز ومنع المتمردين الإسلاميين من احتلالها. 
بداية ذكر المراسل العسكرى أن دروز قرية حضر القريبة فى الجولان السورى ليسوا من الذين يحبون إسرائيل، فأغلبية سكان القرية من المؤيدين لنظام الأسد علنا. والأخطر من ذلك، أن شبانا دروزا من سكان القرية حاولوا، بل حتى نجحوا فى إلحاق أذى بجنود إسرائيليين بتعليمات من حزب الله. ففى سنة 2013 جرحوا مقاتليْن من المظليين، ومرة أخرى سنة 2015 أحبط الجيش هجوما وقتل أربعة من أبناء القرية. والذى أرسل أبناء قرية حضر هو ابن طائفتهم، القاتل فى عملية نهاريا، سمير القنطار، الذى نشط من قبل حزب الله فى الجولان السورى إلى حين اغتياله قبل عامين. وغض أهالى القرية النظر عن نشاطاته. 
إن هذه المعلومات عن القرية وعن علاقاتها بإسرائيل مهمة كى نفهم اللفتة التى قامت بها اليوم الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة الأمنية تجاه الدروز الإسرائيليين. إن إعلان العميد «رونان منليس» أن «الجيش الإسرائيلى جاهز ومستعد لمساعدة سكان القرية وسيمنع إلحاق الأذى بقرية حضر أو احتلالها»، هو بمثابة تعهد كانت الحكومة الإسرائيلية حتى الفترة الأخيرة غير مستعدة لتقديمه علنا وبصورة رسمية. لقد قررت حكومة إسرائيل الآن عدم الوقوف موقف المتفرج، وأعلنت رسميا انطلاقا من واجبها تجاه أبناء الطائفة الدرزية فى البلد، أن الجيش الإسرائيلى سيمنع احتلال حضر على يد المتمردين الإسلاميين الذين يقودهم أعضاء القاعدة (منظمة فتح الشام التى تقود الهجمات على حضر هى فى الواقع الصيغة الجديدة لما عرفناه سابقا باسم جبهة النصرة) .
ليست هذه سياسة الجيش الإسرائيلى فقط. إن إعلان الناطق بلسان الجيش الإسرائيلى معناه أن حكومة إسرائيل قررت من حيث المبدأ الخروج عن سياستها التى ثابرت عليها بعدم التدخل فى الحرب الأهلية فى سوريا، ونشر مظلة دفاع فوق الدروز فى سوريا. إن حادثة حضر محدودة، لكن فى الإمكان بالتأكيد أن نرى فيها مؤشرا على ما يتعلق بالمستقبل وبالمواطنين الموجودين على مسافة أبعد، على سبيل المثال فى السويداء (جبل الدروز)، والذين هم أيضا من الدروز الذين يتعرضون للهجوم من حين إلى آخر.
***
إن إعلان الجيش الإسرائيلى اليوم ليس فقط لفتة تطوعية تعبر عن النية الحسنة للأغلبية اليهودية حيال الطائفة الدرزية فى البلد، بل تهدف أساسا إلى إحباط محاولات التحريض، ومنع تظاهرات عنيفة من شأنها أن تؤدى إلى حدوث شرخ بين دولة إسرائيل ومواطنيها الدروز. يوجد بين الدروز فى الجولان السورى وأيضا يوجد فى إسرائيل أشخاص يحرضون أبناء الطائفة من على جانبى الحدود بحجة أن إسرائيل تساعد جبهة النصرة عسكريا فى حربها ضد نظام الأسد وضد الدروز الموالين له. وتدعى هذه الجهات أن إسرائيل تريد وتدعم سرا الإسلاميين السنة فى جهودهم لاحتلال حضر وانتزاعها من يد النظام السورى الذى لديه موقع فى أراضى القرية.
هناك دروز فى منطقة مجدل شمس يحاولون مراقبة العمليات الإنسانية التى يقوم بها الجيش الإسرائيلى لمساعدة سكان الجولان السورى كى يثبتوا أن إسرائيل تقدم مساعدة عسكرية إلى جبهة النصرة وتنظيمات إسلامية سورية أخرى. والهدف من هذه الادعاءات ليس فقط تحريض الدروز فى إسرائيل كى يهبوا إلى نجدة أشقائهم فى الجولان السورى، بل أيضا دفعهم إلى الضغط على حكومة إسرائيل كى تطلب من الجيش الدخول فى قتال فعلى مع المتمردين السوريين بخلاف سياستها. 
هذه الحملة الدعائية التى تستند إلى «أخبار كاذبة» دفعت شبانا من الدروز من أصحاب الرءوس الحامية فى الجليل، إلى مهاجمة سيارة إسعاف تابعة للجيش وقتل جريح سورى أثناء نقله إلى المستشفى. ونتيجة لهذا التحريض حاول، ويحاول اليوم، دروز يعيشون فى إسرائيل اقتحام السياج الحدودى، وهم خلعوا قفل أحد البوابات، وعبروا منه إلى ما وراءه، لكنهم ظلوا داخل أراضى إسرائيل ولم يجد الجنود الإسرائيليون الذين طاردوهم صعوبة فى إعادتهم. يجب الحرص على أن لا يكون بمقدورهم فى المرة القادمة فعل ذلك بمثل هذه البساطة والهولة لأنه فى المرة المقبلة لن يكون هذا سهلا أو بسيطا.
إن القرار المبدئى (الذى اتخذته الحكومة) ستكون له انعكاسات منافية للعقل:
مثلا احتمال دخول الجنود الإسرائيليين برا مع دبابات أو من دونها إلى داخل الأراضى السورية، وتعريض حياتهم للخطر من أجل قطع الطريق على المتمردين السنة والدفاع عن دروز سوريين معادين لها وعن سيطرة الأسد على المنطقة؛ بالإضافة إلى ذلك وكنتيجة للتدخل فى الجولان السورى يمكن أن تخرق إسرائيل توازن الرعب والتفاهمات الهشة التى نجح الجيش الإسرائيلى فى إقامتها تجاه جبهة النصرة ومنظمات أخرى. فى إطار هذه التفاهمات يمتنع هؤلاء من الاقتراب من الحدود ومن مهاجمة الجولان، ولقاء ذلك لا يقاتلهم الجيش، ونقدم نحن مساعدة إنسانية إلى القرى السورية وإلى جرحى المعارك.
***
لذا، يوضح مسئولون كبار فى المؤسسة الأمنية أنه كى لا نتورط فى حرب ليست لنا، ولكى نحول دون تكبدنا خسائر، فمن المعقول افتراض أن التدخل الإسرائيلى فى الجولان السورى لصالح الدروز يجب أن يكون انطلاقا من الالتزام الصارم بمبدأين أساسيين:
الأول: أن يحدث التدخل فقط فى حال كان هناك تهديد حقيقى بتعرض الدروز إلى مذبحة فى الجولان، أو عندما تكون قرية حضر معرضة إلى خطر الاحتلال من جانب الإسلاميين، وهو أمر لم يحدث الآن.
ثانيا: ينفذ التدخل عند الحاجة إليه بواسطة إطلاق النيران وليس بواسطة مناورة برية داخل أراضى الجولان. وما يساعد على ذلك أن منطقة قرية حضر مكشوفة جيدا من مواقع المراقبة ومن النيران فى جبل الشيخ، ومن مواقع الدبابات والمدفعية فى هضبة الجولان. هذا كى لا نتحدث عن المدفعية والطائرات، بما فيها الطوافات الحربية والطائرات من دون طيار. ويوجد بين أبناء الطائفة الدرزية فى إسرائيل من يفهم ماذا يمكن فعله بواسطة الاستخبارات وأهداف محدثة ونيران دقيقة؟
يشار فى هذا السياق إلى أن الجيش لاحظ منذ بضعة أسابيع استعدادات يقوم بها المتمردون الإسلاميون من أجل مهاجمة حضر، ولهذه الغاية رفعوا درجة المتابعة. وأعد الجيش أيضا خطة عمل تدريجية هدفها منع احتلال القرية، بالإضافة إلى خطة عمل أخرى هدفها منع دروز جرى تحريضهم من اختراق السياج الحدودى لمساعدة أبناء طائفتهم فى القرية التى تتعرض للهجوم. 
ختاما، لقد كان الجيش مستعدا. وخلال الأحداث التى حصلت فى القرية جرى تقييم للوضع برئاسة رئيس الأركان «غادى أيزنكوت» وقائد المنطقة الشمالية «يوئيل ستريك»، ونتيجة لذلك أصدر الناطق بلسان الجيش بيانه الذى يهدف إلى تهدئة أبناء الطائفة الدرزية فى إسرائيل، وفى الوقت عينه ردع المتمردين عن احتلال القرية. ومن الجيد أن نشير إلى أن الوسائل المادية والدعائية التى استخدمها الجيش فعلت فعلها، وفى ساعات بعد الظهر تبدد الحادث. 
لكن هذا الحادث يشكل ــ مرة أخرى ــ نموذجا على عدم القدرة على التنبؤ بالوضع على الحدود مع إسرائيل ومدى قابليته للانفجار. لا يوجد حاليا خطر مباشر للتصعيد فى الشمال أو فى الجنوب، لكن حال التأهب والاستعداد فى الجيش الإسرائيلى يجب أن تبقى فى أقصى درجة.
التعليقات