لم يشهد العالم اهتماما واسعا بأحد أمراض الإنسان المزمنة كما شهد مرض السكر. احصائيات متتالية متتابعة بعدد المصابين فى كل بلاد العالم واقتراح برامج غذائية وتغييرات واجبة فى حياة الإنسان المصاب به وأدوية مختلفة يتتابع إنتاجها وأشكال وألوان من أجهزة قياس السكر إلى جانب إنتاج أنواع مختلفة من الإنسولين حال إن العلاج الأساسى للسكر من النوع الأول أيضا النوع الثانى حينما تعجز الأدوية عن تحقيق الغرض منها. صناعة كاملة تدور حول علاج مرض السكر والتوعية به والإعلان عنه وشرح كل كبيرة وصغيرة فى برنامج علاجه والإشارة إلى مضاعفاته التى قد تصل إلى العمى حينما يصيب العين أو بتر الرجل إذا ما أصاب الإنسان ما يطلق عليه القدم السكرى والفشل الكلوى إذا ما طال أثره الكلى.
المعروف أن مرض السكر يعد حالة مرضية مزمنة تخيل فيها قدرات جسم الإنسان على الاحتفاظ بمنسوب سكر الجلوكوز فى الدم وتسهيل استخدامه لمصدر أساسى للطاقة من قبل خلايا الجسم. تلك هى آلية حدوث النوع الثانى من السكر إذ يبدو البنكرياس غير قادر على إنتاج كمية كافية من الإنسولين تغطى حاجة الجسم. ذلك إما بسبب مقاومة الأنسجة الدهنية المتراكمة فى الجسم لأثر الأنسولين الذى ينتجه البنكرياس أو لقلة ما يفرزه البنكرياس بالفعل من الإنسولين.
نتيجة لانتشار مرض السكر زادت بلاشك إنتاجية الأدوية المعالجة له وأصبح الاعتماد عليها هو الطريق الأسهل للعلاج سواء الأقراص التى يتناولها المريض بالفم أو حقنة الإنسولين وفقا لحالته.
لكن دراسة بالغة الأهمية تنشرها هذا الشهر الدورية العلمية المعروفة اللانست «Lancet» تأتى من إنجلترا لتؤكد أن مرض السكر يمكن أن ينحسر إذا ما اتبع الإنسان نظاما غذائيا قليل السعرات ليفقد على الأقل عشرة كيلوجرامات من وزنه خلال سنة.
إذن بالفعل يمكن للانسان أن يستغنى عن تلك الأدوية التى يخضع لتأثيرها طوال عمره إذا ما توافر له العزم الذى يجعله يقبل على نظام غذائى قليل السعرات إلى جانب بعض من الجهد البدنى المنتظم ليساعده على الاحتفاظ بمرونة عضلاته، أيضا يسهم فى سهولة فقد الوزن الزائد.
التجربة العلمية شملت ثلاثمائة شخص كلهم مصابون بمرض السكر من النوع الثانى تراوحت اعمارهم بين العشرين والستين قسموا عشوائيا إلى مجموعتين متساويتين. المجموعة الأولى كان عليها أن تتناول الأدوية المعروفة لعلاج السكر اما المجموعة الثانية فقد خضعت لتلك الحمية الغذائية قليلة السعرات إلى جانب بعض التمارين الرياضية البسيطة.
الواقع أن النتيجة كانت مشجعة تماما فكل من فقد عشرة كيلوجرامات وهو غير خاضع لادوية السكر التقليدية انحصر مستوى السكر فى دمه إلى الدرجة التى تغنيه تماما عن تناول الأقراص.
التجربة بالفعل تعكس نتيجة مهمة مؤداها أن هناك بعضا من الطرق الطبيعية قد تتفوق على الأدوية فى علاج الإنسان.
وأن الوقاية بالفعل خير من العلاج. وأن هناك أيضا صناعة قد تواكب صناعة الأدوية الغرض منها الترويج للأدوية بقصد الحصول على مكاسب مادية هائلة هى صناعة الخوف من المرض.
لعلنا مازلنا نذكر الحملات الدعائية الضخمة التى روجت للخوف من إنفلونزا الطيور والخنازير والتى أجبرت العالم على انفاق ميزانيات ضخمة لإنتاج الفاكسينات وشراء العلاجات خاصة عقار التاميفيلو بالملايين وكانت النتيجة أن ظل فى المخازن دون الحاجة لاستعماله حتى تم التخلص منه.
خبر بالفعل عظيم يؤكد حكمة العالم العربى أبوبكر الرازى الذى كان أول من أكد أن التداوى بالغذاء قد يسبق الدواء فى أحيان كثيرة.