ظهر فى الأسواق أحدث كتاب عن دار الشروق بعنوان «فى قلب الأحداث الدبلوماسية المصرية فى الحرب والسلام وسنوات التغيير» الذى يوّثق للدبلوماسية المصرية وسنوات التغيير الذى كتبه الدبلوماسى المرموق ووزير خارجية مصر السابق السيد نبيل فهمى مؤسس وعميد كلية العلوم الدولية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ومن مواقعه المختلفة كمستشار لوزير الخارجية فسفير لمصر باليابان والولايات المتحدة الأمريكية ومواقع أخرى أستطاع الكاتب أن يكون شاهدا على ثلاثة عقود متواصلة إضافة إلى قربه من والده وزير الخارجية السابق والمرموق أيضا السيد إسماعيل فهمى رحمة الله عليه مثله الأعلى الوحيد كما يصفه هو والذى أفاده وعلمه الكثير أهمها التمسك بالحق والالتزام بالمبادئ والمعايير الأخلاقية والمهنية والاستقلالية حتى فى أصعب القرارات.
وكتاب الأستاذ نبيل فهمى هو إضافة لسلسلة الكتب التى تروى الأحداث من زاوية شهودها من الدبلوماسيين فقد سبق لوزراء الخارجية السابقين نبيل العربى وأحمد أبو الغيط وعمرو موسى إضافة للدكتور مصطفى الفقى وغيرهم والذين تبوأوا مناصب كبيرة ومرموقة مصريا وعربيا ودوليا وذلك ليستكمل القارئ العربى جميع وجهات النظر من خلال نفس الأحداث التى يوضحها هؤلاء الكتاب الكبار كل حسب تجربته الشخصية.
وكتاب نبيل فهمى صدر أولا باللغة الإنجليزية قبل أن يترجم إلى اللغة العربية عن دار PALGRAVE MACMILLAN عام 2020 وهذا يُحسب له أن يعرف دبلوماسى مصرى أحداث الحرب والسلم وغيرها من أحداث محلية إلى القارئ الأجنبى حتى يطلع على وجهة النظر المصرية وهذا شىء مطلوب وحميد ولكن فى الترجمة العربية بعض الإضافات التى تهم القارئ العربى ولنا هنا قول جانبى أن حركة الترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية وبالعكس ضعيفة جدا ويجب أن ننتبه لها.
يستعرض كتاب «فى قلب الأحداث» نصف قرن من الأحداث الدولية والإقليمية والوطنية والتى مازالت محفورة فى ذاكرة الكثيرين والتى كان الكاتب شاهدا لها فى مواقعه الدبلوماسية المختلفة، فيتناول بشفافية كاملة أحداثا رافقت عملية السلام بين العرب وإسرائيل مع نجاحاتها وإخفاقاتها وأسبابها بدون مواربة أو مجاملة لأحد كما يكلمنا عن سباق التسلح النووى فى الشرق الأوسط وهو موضوع ليس مطروحا على الكافة بل ظل دائما فى الظل، كما يكلمنا نبيل فهمى عن انتهاء الحرب الباردة والتى تفتح لنا أفاقا لما يجرى حاليا على الساحة الدولية بين روسيا وأوكرانيا وبالأحرى مع الولايات المتحدة ودول حلف الناتو. ويستكمل الأحداث عن غزو العراق للكويت وما تلاها وتوغل الإرهاب فى العالم العربى ومنها إلى العالم. كما يذكر انفجار برجى التجارة فى 11 سبتمبر 2001 فى نيويورك والغزو الامريكى للعراق وغيرها من الاحداث الدولية.
لم يكتف نبيل فهمى بسرد الاحداث الدولية ومواقف مصر المختلفة حيالها ولكن تطرق لأدق مرحلة فى تاريخ مصر الحديث وهو ثورة 25 يناير 2011 وصولا إلى ثورة 30 يونيو 2013 وذلك من موقعه إما فى لجنة الحكماء أو وزيرا للخارجية والذى عمل على حماية واستقلالية القرار السيادى المصرى. وقد حلل السيد نبيل فهمى فترة حكم الرئيس السابق المرحوم حسنى مبارك تحليلا موضوعيا دقيقا بمهارة الموثق المحايد للأحداث.
لم يكتب أحداثا أو يسردها أو يحللها بل أيضا ينتقل الكاتب إلى النظرة المستقبلية لإفريقيا وللعالم العربى خاصة فى الفصل الأخير، والذى يأتى فى توقيت بالغ الأهمية فى ظل الحرب الأوكرانية الروسية وصعود لتكتلات أقليمية سيكون لها دور مهم فى مستقبل العالم.
شكرا للأستاذ نبيل فهمى على هذا الكتاب القيّم الذى لم أرد أن ألخصه للقارئ الحبيب حتى استفز فيه الإرادة لقراءته بتمعن يتلاقى مع عمق كاتبه.