هل تآمر أوباما على مبارك؟ - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:46 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل تآمر أوباما على مبارك؟

نشر فى : الجمعة 9 مايو 2014 - 6:40 ص | آخر تحديث : الجمعة 9 مايو 2014 - 6:40 ص

فى وسط حالة الهستيريا الإعلامية الجماعية التى تشهدها مصر، التى يقل معها استخدام العقل والمنطق، خاصة فيما يتعلق بثورة 25 يناير، تبقى أهم الأكاذيب التى يتم الترويج لها يتعلق بدور الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك، وأن ثورة 25 هى صناعة أمريكية. إلا أن إلقاء نظرة تاريخية تحليلية على علاقة أوباما بمبارك تنفى تماما كل تلك الأكاذيب.

•••

بعد يوم واحد من تولى باراك أوباما مهام الرئاسة الأمريكية، أجرى أوباما عدة مكالمات هاتفية يوم 21 يناير 2009 مع عدد قليل من رؤساء وملوك الدول، وكان الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك من ضمنهم. وكانت تلك إشارة إلى نية أوباما فتح صفحة جديدة فى علاقات الدولتين بعد جفاء كبير فى العلاقات بين الرئيس مبارك والرئيس جورج بوش، التى امتنع على إثرها مبارك من القيام بزيارته السنوية المعتادة للعاصمة الأمريكية.

وبدأت دوائر الحكم فى النظر تجاه حدوث تحول نوعى فى علاقاتها بالقاهرة وتم إعادة تقييم الوزن الاستراتيجى لمصر. وعملت إدارة أوباما على تجاوز ميراث فترة حكم جورج بوش. وراجعت أجهزة الأمن القومى وفريق مستشارى السياسة الخارجية لباراك أوباما السياسات الأمريكية تجاه مصر، وقررت العودة للمنظور الأمريكى التقليدى فى التعامل مع قضايا المنطقة ومع مصر. وهو المنظور الذى يركز بالأساس على تسوية وإدارة الصراعات، والعودة للواقعية فى التعامل مع قضايا المنطقة، والتركيز على التعاون فى قضايا الأمن الإقليمى، دون إغفال كامل لقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان التى كانت توليها الإدارة السابقة أهمية شكلية كبيرة.

وهكذا لم تمثل إدارة الرئيس أوباما أى استثناء بعد تبوئه قمة السلطة السياسية فى أمريكا عما سبقها من إدارات أمريكية مختلفة. ومع بدء ثورات العرب الديمقراطية، أعلنت الإدارة الأمريكية، من ناحية، أنها تؤيد مطالب الثوار والشعوب فى الديمقراطية، لكنها من ناحية ثانية لم تخاطر بعلاقاتها القوية مع نظم الحكم الاستبدادية فى الدول العربية، ولقد اتبع أوباما هذا النمط بوضوح فى الحالة المصرية. فرغم مطالب الكثيرين من أوباما بأن يتخلى عن تحالفه مع النظام المصرى من أجل تحالف جديد مع الشعب المصرى، إلا أن إدارته انتظرت حتى تيقنت من رحيل مبارك، قبل أن تعلن وقوفها مع مطالب الشعب المصرى.

•••

وبعد عدة شهور من بدء حكمه، ووفائه بوعد - خلال حملته الانتخابية - بأن يوجه رسالة إلى المسلمين من عاصمة إسلامية خلال شهور حكمه الأولى، اختار الرئيس الأمريكى باراك أوباما أن يلقى خطابه فى مصر وفى جامعة القاهرة تحديدا يوم 4 يونيو 2009. وجاء قرار الرئيس الأمريكى باراك أوباما باختيار القاهرة لتكون منبره الأول للحديث مع العالم الإسلامى ليمثل ضربة قاصمة لكل من حاول إقناعه بغير ذلك، خاصة النصح بالتوجه إلى إسطنبول أو جاكرتا بدلا من القاهرة.

إلا أن الرئيس باراك أوباما رأى، طبقا لشهادات عدد من مستشاريه، أن اختيار القاهرة جاء لعدة أسباب يأتى فى مقدمتها:

أولا: أن القاهرة هى قلب العالم الإسلامى ولغتها الرسمية العربية وهى لغة القرآن وبالتالى فإنها تمثل إحدى البقاع السحرية فى المنطقة التى سوف تسهل بالضرورة مهمة أوباما وتزيد من شعبيته لدى بلدان العالم الإسلامى.

ثانيا: الثقل السياسى لمصر الذى بدا جليا فى أزمة العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى أيام حكمه الأولى، حيث قامت مصر بجهود حثيثة للتخفيف من حدة الأزمة وتهدئتها وذلك على الرغم من الوهن الذى أصاب ذلك الدور على المستوى الإقليمى فى الفترة الأخيرة.

ثالثا: الأهمية الاستراتيجية لمصر بالنسبة للولايات المتحدة باعتبارها الوسيط الرئيس فى الصراع العربى الإسرائيلى، الذى يمثل التحدى الأكبر للأمن القومى الإسرائيلى الذى تعتبره الولايات المتحدة أحد أهم الموضوعات على أجندة السياسة الخارجية الأمريكية عبر الإدارات المتعاقبة.

•••

لم يهدف الرئيس أوباما إلى البحث عن بداية جديدة فقط فى علاقات واشنطن بالعالم الإسلامى، بل كان يسعى أيضا لبداية جديدة لعلاقات واشنطن بالقاهرة. ما ذكره أوباما فى خطابه فى الجزء المتعلق بالديمقراطية أسعد وأحبط النظام المصرى فى وقت واحد، من ناحية أكد على عدم مشروعية التدخل فى شئون الدول الأخرى بقوله «لا يمكن لأية دولة، ولا ينبغى على أية دولة، أن تفرض نظاما للحكم على أية دولة أخرى». إلا أنه عاد وقال «إن أمريكا تحترم حق جميع من يرفعون أصواتهم حول العالم للتعبير عن آرائهم بأسلوب سلمى يراعى القانون، حتى لو كانت آراؤهم مخالفة لآرائنا، وسوف نرحب بجميع الحكومات السلمية المنتخبة، شرط أن تحترم جميع أفراد الشعب فى ممارستها للحكم».

وبعد خطاب القاهرة أظهرت كل استطلاعات الرأى ارتفاع شعبية الرئيس أوباما بين المصريين مقارنة بكل نظرائه السابقين. إلا أن سلوك الرئيس الأمريكى أوباما منذ الخامس والعشرين من يناير 2011 كلفه خسارة إعجاب وتقدير المصريين من جميع الخلفيات الفكرية. المواقف الأمريكية الرمادية أثناء أيام ثورة يناير، وخلال حكم المجلس العسكرى، وارتباكها مع تجربة حكم جماعة الإخوان المسلمين لم يكن له ما يبرره. ثم جاءت حالة الارتباك الكامل منذ الثالث من يوليو الماضى ليفقد أوباما أى احترام بقى عند المصريين، ونجح فى خسارة طرفى الصراع فى مصر.

ورغم ما يقوله وزير الخارجية نبيل فهمى من تحسن العلاقات بين القاهرة واشنطن، إلا أن انهيار شعبية الرئيس أوباما بين المصريين لن يحلها إيمان البعض بوجود دور له فى ثورة 25 يناير، أو اعتقاد آخرين بعدائه أو دعمه لما بدء فى الثالث من يوليو.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات