المدمنون على القتل والمسئولون عنه - بسمة قضماني - بوابة الشروق
الأحد 20 أبريل 2025 6:17 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

المدمنون على القتل والمسئولون عنه

نشر فى : الخميس 9 يونيو 2011 - 9:18 ص | آخر تحديث : الخميس 9 يونيو 2011 - 9:18 ص

 أخبار ترد من سوريا عن جرائم مسلحى النظام، وأشرطة مصورة عن التنكيل بالجثث ومحاولة تزوير الوقائع من خلال وضع أسلحة لتصويرها فوق صدور الضحايا فيما بعد. هؤلاء رجال أمن يرتدون الزى العسكرى كحلى اللون أى زى قوات المخابرات العسكرية وهو أهم جهاز من حيث العدد والمهام. المشهد مرعب وحتى قناة الجزيرة امتنعت عن بث الشريط بكامله لأن الصور غير محتملة.

الأفظع فى الموقف هو سلوك عناصر الأمن نفسهم فهم يتجولون بين الجثث، يقلّبونها، يسخرون من الموتى، ثم يجلسون لكى يتناولوا طعاما أمام هذا المشهد. أحد الشبان يصور المشهد بكل تفاصيله ويصور زملاءه وكلهم يتباهون بفعلهم. يبقى المرء العادى مذهولا يتساءل: ما هدف هؤلاء من تصوير جرائمهم؟ ولماذا يركزون الكاميرا على وجوههم؟ أى إنسان طبيعى يقوم بجرائم كهذه كان سيعمل كل جهده كى لا يترك إثباتات ضد نفسه وكان بالتأكيد سيخفى وجهه لأن أى امرئ يعيش فى عصرنا هذا ويتابع الأخبار يعلم أنه يمثل فى الوقت نفسه القيادى الصربى الأسبق راتكوم ملاديش أمام محكمة الجنايات الدولية بعد أن عاش مختبئا لما يزيد على عقد.

فى لقاء مع شخصية جزائرية مرموقة كنت أحدثها عن فظاعة الشريط هذا، هز الرجل رأسه قائلا إن هذا النموذج من سلوك رجال الأمن ظهر فى الجزائر فى التسعينيات أثناء الحرب التى شنها النظام على الجماعات الإسلامية المسلحة حيث كانت تعليمات قيادات النظام بإبادة عناصر الجماعات لاستئصال الحركة. فقد نما فوج من رجال الأمن اعتادوا على القتل وعلى استخدام سبل بربرية كهذه بشكل يومى حتى أصبحوا مدمنين على القتل أى تحولوا إلى وحوش بالمعنى الكامل للكلمة. يروى لى محدثى أن قادة الأمن اضطروا فى وقت ما أن يعدموا بعض هؤلاء العناصر لأنه لم يكن بالإمكان بعد ذلك إعادتهم إلى حالة الإنسان وإلى حياة طبيعية.

ربما لا يمكن التعامل مع هؤلاء المجرمين سوى بوصفهم بضحايا من نوع آخر لهذا النظام، فهو الذى زرع العنف والكراهية فى قلوبهم وفى أحيان كثيرة ينزل قادة الأجهزة إلى الميدان لينفذوا الجرائم بأنفسهم ويعطوا المثل لجنودهم. أسماء ووجوه القادة هؤلاء معروفة والمسألة أصبحت مسألة وقت فقط لا غير.

لقد عملت مجموعة من منظمات حقوقية سورية ودولية فى الأسابيع الأخيرة على تحضير الملفات بخصوص سوريا لتقديمها إلى محكمة الجنايات الدولية فى لاهاى، فالمعلومات أصبحت كافية لمقاضاة المسئولين السوريين بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. لكن يبقى أن الإجراءات القانونية المطلوبة غير مكتملة حيث لا تستطيع المحكمة أن تعالج الأمر إلا بعد قرار من مجلس الأمن للأمم المتحدة.

قد تسعى فرنسا من جديد لتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن لإدانة سوريا رغم علمها باعتراض روسيا على ذلك. وإذا لم تنقضه روسيا فسيفسح المجال أمام المحكمة للبدء بالعمل على الملف السورى. لا أحد فى سوريا يعارض ذلك أو يعتبره تدخلا خارجيا يشكل خرقا للسيادة.

بسمة قضماني  مدير مبادرة الإصلاح العربي
التعليقات