قل: منشغلون بالسياسة ولاتقل: يشتغلون بالسياسة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 6:04 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قل: منشغلون بالسياسة ولاتقل: يشتغلون بالسياسة

نشر فى : الإثنين 9 يونيو 2014 - 4:50 ص | آخر تحديث : الإثنين 9 يونيو 2014 - 4:50 ص

منذ 25 يناير 2011، والمصريون على غير عادتهم منشغلون بالشأن السياسى، يتابعون أخبارها،ويتلقفون تصريحات نجومها، ويسهرون معهم فى برامج التوك شو على الفضائيات حتى الصباح.

خلال سنوات ثلاث، أدّى المصريون ماعليهم، شاركوا فى سبعة استحقاقات انتخابية، بمعدل استحقاق انتخابى كل 6 شهور تقريبا، وقفوا بالملايين فى طوابيرالاقتراع لساعات طويلة،متحدّين الإرهاب والتخويف والحر.

وباستثناء هذا الشكل الموسمى من الممارسة السياسية، وهو مهم وحاسم فى تحديد اختيارات الناس، فإن انشغال المصريين واهتمامهم بالشأن السياسى، لايعنى بالضرورة أنهم يمارسون السياسة، أقصد أنهم ليسوا منظمين ضمن أوعية سياسية تضم جماعات متشابهة فكريا ومصلحيا،لديها برامج ورؤى وقواعد جماهيرية وسياسات جاهزة لتطبيقها حال وصولها للحكم،وهو مانسميه بالأحزاب.

هنا بالضبط مربط الفرس ...

لاوجود للأحزاب فى الشارع، قديمها وحديثها، مايقرب من 85 حزبا لاتسمع لها صوت،وأظن أن تجربة الانتخابات البرلمانية السابقة، والتى حاز فيها تيار الإسلام السياسى أغلبية كاسحة،كشفت عن حجم التجريف الذى طال الحياة السياسية فى مصر على مدى ثلاثين عاما.

لاألوم الأحزاب على ضعف تواجدها، فثمة أسباب عديدة لما وصلنا إليه، كما لاأتوقع أن تحقق تواجدا فى فترة قريبة، لكن المؤكد، أن الحياة السياسية لايمكن أن تستقيم دون أحزاب قوية،فى الحكم كما فى المعارضة، أحزاب لديها قدرة على طرح بدائل عملية صالحة للتطبيق، حكومات ظل تطرح رؤى مغايرة لما ترفضه وتنتقده، دون صراخ أوتهويل.

ثمة حقائق مهمة ينبغى على الجميع – وخصوصا الشباب – إدراكها، إذا كنّا جادين فعلا فى خلق بيئة سياسية مزدهرة، أولها أن التغييرالذى ننشده لبلادنا لن يتحقق عبرالمظاهرات والاعتصامات الدائمة ودعاوى الثورة المستمرة ، آن آوان أن تشاركوا بأحزابكم التى تحمل رؤاكم وبرامجكم وأحلامكم وتصوراتكم عن الحاضر والمستقبل،آن أوان أن تبحثوا عن آليات مغايرة لتحقيق طموحاتكم وماتتمنوه للوطن وناسه.

أرجو أن يكون قد بلغكم أن الناس ضجّت من دعاوى التظاهر والاعتصام والاحتجاجات بسبب ومن دون سبب، وأن تعترفوا بأن حالات النزق والمراهقة السياسية والغرور التى تلبّست بعض النشطاء منكم، كانت سببا فى نفور الناس وانصرافهم عنكم، آن آون أن تدركوا أن خيار الأمن والاستقرارليس فزّاعة إعلامية، هى مطالب حقيقية لدى ملايين المصريين الذين تزعمون أنكم تعبرون عنهم وتتبنون مطالبهم.

الأحزاب القديمة كالوفد والتجمع والناصرى، مطالبة بدورها بمراجعات فكرية تمارس فيها وعلى نطاق واسع قدرا كبيرا من النقد الذاتى، تعترف فيه بأخطاءها التى غيّبتها عن الشارع ، دون أن تركن فقط إلى التصورات التقليدية عن تضييق نظام مبارك على حركتها ، وهى صحيحة، إنما هناك أسباب أخرى تتعلق ببنية هذه الأحزاب وطبيعة عملها وكيفية اتخاذ القرارات بداخلها،فضلا عن اعتمادها آليات بالية للتواصل مع الناس فى الأقاليم، تذكروا أن الناس تحتاج للنموذج والقدوة و»الخدمة»، وبعض الخدمات كمحو الأمية والتدريب المهنى والتحويلى للشباب، وإكساب الأمهات المعيلات مهارات تمكنهن من العيش الكريم، أفضل ألف مرة من سرادقات الخطابة التى تسبق مواسم الانتخابات.

أتمنى أن تكون انتخاباتنا البرلمانية المقبلة، خطوة أولى على طريق الاشتغال بالسياسة لا الانشغال بها.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات