خصصت جريدة (Globe and Mail) هذا الأسبوع ملحقا كاملا عن بيوت المسنين وكيف يعيش فيها كبار السن وهل بالفعل هى المكان الآمن الذى يلجأ إليه الإنسان فى تلك الحقبة من عمره ليعيش أيامه بكرامة؟
جلوب آند ميل هى الجريدة الأعلى توزيعا فى كندا تصدر بالإنجليزية من تورنتو عاصمة إقليم انتاريو الذى يضم أيضا أوتاوا العاصمة.
بعد مقدمة عن أهمية وجود تلك البيوت لرعاية المسنين خاصة من يفضلون الاستقلال بحياتهم فى تلك المرحلة من العمر فيلجئون إليها باختيارهم أو من تضطرهم الظروف إلى ذلك وأهمية أن تدعم الدولة تلك البيوت خاصة محدودة الميزانية التى يلجأ إليها من لم تعد دخولهم تسمح بأن يظلوا فى أماكنهم ويعانون من الوحدة بعد انصراف الأبناء كل إلى حال سبيله.
استوقفنى بالطبع الموضوع خاصة أننى طالما تمنيت أن يتوافر لكبار السن من أبناء بلدى ذلك الأمان الذى يكفل لهم الحياة فى هدوء واستقرار بكرامة فى أماكن تسمح لهم بمواصلة الحياة بدلا من أن تطالهم تلك الأحكام القاسية بالموت قبل الأوان.
حرصت «جلوب آند ميل» على استعراض أحد تلك البيوت كنموذج لما تقدمه من خدمات وأساليب رعاية. هو بيت للجالية اليهودية (Baucrest) يسكنه مائة وستون من السيدات والرجال تتجاوز أعمارهم خمسة وستين عاما ولا حد أعلى فيه للسن. نفقاته الشهرية الأساسية خمسة آلاف وسبعمائة دولار كندى (الدولة تضمن معاشا للعاملين بها لا يقل عن ثلاثة آلاف وثمانمائة دولار كندى) لكنها تغطى كل ما يحتاجه الإنسان للإقامة وممارسة الأنشطة المختلفة من طعام وشراب ورحلات وترفيه ورعاية طبية.
يتمتع الإنسان بخصوصية فى شقة مستقلة مكونة من حجرة نوم وحجرة ملحقة لاستقبال الزوار والأصدقاء إلى جانب حمام مجهز يسهل استخدامه لكبار السن مع مطبخ صغير.
يلقى المقيم فى باى كرست رعاية صحية متميزة تنسحب على كل أنشطته وتلبى كل احتياجاته فهناك أطباء مقيمون وآخرون يأتون للمتابعة والمنزل بأكمله تابع لرعاية مستشفى عام به جميع التخصصات.
يراعى فيما يقدم لهم جميعا من طعام الشروط الصحية فى وجود طهاة متخصصين فى أنواع الطعام المختلفة: الفرنسى والآسيوى والشرقى ويقدم الطعام لهم فى مطعم خاص يفتح أبوابه بمواعيد وتترك لهم حرية طلب الأصناف من قائمة تحضر يوميا إلى جانب أنواع السلطات الطازجة والفاكهة الموسمية وألوان الحلوى.
بالطبع كل ما يقدم (كوشير) أو حلال كما تنص الديانة اليهودية ويجتمع الجميع على عشاء السبت (الشاى اليهودى) كعاداتهم.
حفل ملحق «جلوب آند ميلى بصور متعددة تعكس الرفاهية والذوق الذى صمم به المنزل وقاعاته المختلفة سواء للطعام أو القراءة أو متابعة التليفزيون إلى جانب حمام السباحة الذى يمارسون فيه التمارين المائية إلى المسرح وصالة الرقص وقاعة التمارين الرياضية.
تفاصيل كثيرة تعكس مدى الفهم وحسن إدارة المكان من استعدادات لتفادى حوادث السقوط أو الانزلاق، إلى أطباق بديعة الشكل مقسمة ذات حواف مرتفعة قليلا حتى لا ينزلق الطعام ويسهل تناوله، إلى ورش عمل لتعليم هوايات مفيدة كالزجاج المعشق والتريكو والعزف على الآلات الموسيقية إلى دروس لتنمية المهارات الإدراكية والحفاظ على الذاكرة.
الواقع أن الصورة بالفعل تنطق بإنسانية واضحة ولا ينقصها أى شىء يتمناه المرء حتى يستمتع بحياته وصداقاته بل وأسرته التى لأفرادها الحق فى زيارته فى أى وقت بل الأهم من ذلك أن إدارة المكان توفر لمن يطلب عملا يستكمل فيه خبراته ويستثمر معارفه ويساعده على توفير كل متطلباته.
عرض الصحفى الذى أعد التحقيق لوحات رسمها أحد رواد المكان وعمره خمسة وثمانون عاما عمل مديرا لبنك وكان يستعد لإقامة معرض للوحاته يخصص دخله لدعم مستشفى تورنتو للأطفال.
وللحديث بقية