حذر طلب الصانع (عضو كنيست عن القائمة العربية الموحدة ــ الحركة العربية للتغيير) من انتفاضة ثالثة قد تندلع فى النقب وحيفا.
ربما لن تكون هناك حاجة إلى ذلك، لأن تهديدات السكان البدو فى النقب ومثلها تهديدات العرب فى الجليل وحيفا، ستردع السلطات ولن تستطيع الحكومة تطبيق خطة برافر، ولا خطط إسكان تتعلق بالبلدات اليهودية فى الجليل الأوسط الذى تحول إلى منطقة عربية مستقلة ذاتيا، من دون أن تجرؤ الحكومات الإسرائيلية على وضع حد لهذه الظاهرة.
لقد أدرك أريئيل شارون إلى أين يمكن أن تؤدى السيطرة المقصودة والممنهجة للبدو والعرب على الأراضى، لكنه اضطر هو أيضا إلى الخضوع للاعتبارات السياسية، ولم ينفذ أى قرار أصدرته المحاكم بإخلاء الأراضى التى جرى الاستيلاء عليها. لذا لا نتوقع أن تجرؤ حكومة بنيامين نتنياهو بالذات على القيام بذلك.
هذا الأسبوع عرض تسفرير رينات فى صحيفة «هاآرتس» أفكار وحدة الاستيطان فى الهستدروت الصهيونى بشأن فقط إسكان تتعلق بالبلدات اليهودية فى الجليل. وعلى الفور تعالت الصيحات ضد الخطط العنصرية «لتهويد الجليل». لكن ليس للعرب ما يتخوفون منه فى الجليل أيضا، ففى الماضى وضعت الكثير من الخطط من أجل تشجيع اليهود على السكن فى الجليل، لكنها فشلت كلها حتى فى الفترة التى كان فيها «تهويد الجليل» ومنع الاستيلاء على الأراضى فى النقب فى نظر حزب العمل، خططا صهيونية يجب الالتزام بها.
هناك من يقول إن تراجع الحكومة عن تنفيذ سياستها فى الجليل يعود إلى فشل بنيوى فى الحكم لدى رئيس الحكومة. لكن حقيقة الأمر هنا أكثر عمقا بكثير، فهو يتعلق بالخضوع للقومية العربية والتساهل مع الحجج القومية للعرب.
وفى مواجهة توجهات ما بعد ــ الصهيونية والتوجهات المعادية للصهيونية وسط اليهود الذين يعملون لإلغاء هوية إسرائيل بوصفها دولة للشعب اليهودي
(لكنهم يؤيدون دولة قومية فلسطينية خالية من اليهود)، فى مواجهة هذا كله تُظهر حكومة الليكود ــ «البيت اليهودى» مظاهر ضعف معنوى وعملى.
إذا لم نكبح هذه التوجهات فإن هذا سيؤدى إلى كارثة، إذ ستتحول أجزاء كبيرة من الجليل والنقب إلى كيانات بدوية ــ عربية مستقلة. فمنذ اليوم يرفرف علم فلسطين بفخر فى البلدات العربية، ولا نرى علما لإسرائيل. عندما يتصدع الشعور بالعدالة اليهودية ــ الصهيونية ويصبح الهدف الأعلى هو السلام، فإن النتيجة ستكون مدمرة: نشوء دولة فلسطينية على جميع أراضى يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، إلى جانب حكم ذاتى سياسى على طريق الاستقلال الكامل للتجمعات السكانية العربية فى إسرائيل. وستصبح الدولة اليهودية التى انطوت على نفسها، على طول الساحل من دون احتياطى من الأراضى المعدة للبناء والصناعة والزراعة. وسيضطر أبناء هذه الدولة إلى الهجرة عنها، ولن يعود فى إمكان المهاجرين المجىء إليها.