مردخاى كيدارما
هى العلاقة التى تربط بين الإخوان المسلمين فى مصر و«حماس»؟ هى علاقة أيديولوجية، وبعض الصلات الشخصية والتنظيمية والمالية، لا أكثر ولا أقل.
فحركة «حماس» تعمل من أجل تحرير فلسطين كلها بما فى ذلك تل أبيب وحيفا، فى حين تعمل حركة الإخوان المسلمين فى مصر من أجل تحرير الشعب المصرى من النخبة العسكرية العلمانية التى تسيطر على الدولة منذ يوليو 1952. وثمة حلم مشترك للحركتين هو حلم الدولة الإسلامية الكبرى التى تشمل جميع المسلمين فى العالم، وتستطيع ــ ربما ــ أن تنشر الإسلام فى أنحاء البشرية التى لم تهتد بعد إلى النور.
لا أصدق القصص التى تُروى عن «حماس» فى السنوات الأخيرة مثل الحديث عن اقتحام عناصر من «حماس» و«حزب الله» السجون أيام مبارك فى يناير 2011، وإطلاقهم للسجناء، وبينهم محمد مرسى، الذى يحاكم اليوم بتهمة الفرار من السجن. كما لا أصدق أن «حماس» هى التى خططت فى الفترة الأخيرة لتفجير سيارات مفخخة فى مصر، وذلك برغم تكرار نظام السيسى قول إن «حماس» شريكة مع الإخوان فى تدمير مصر.
هناك معلومات تتحدث عن مهندسين للمتفجرات تدربوا لدى «حماس» والجهاد الإسلامى ومجموعات أخرى فى غزة، وذهبوا إلى سيناء قبل أن يقوم السيسى بتدمير الأنفاق، وأن هؤلاء علموا المصريين فى سيناء المهنة. لكننى لا أعتقد أنه كان ولا يزال لدى «حماس» سياسة تهدف إلى إسقاط النظام فى مصر، لأن زعماء الحركة يدركون الثمن الذى قد يدفعونه من جراء ذلك كحركة وكأشخاص إذا اكتشفت مصر ذلك.
إن الأنفاق والضرائب التى تجبيها «حماس» على البضائع المهربة، والسلاح، والذخيرة، والوقود، والغذاء، والمال، ومعبر رفح، والجبهة الخلفية اللوجستية فى سيناء كل هذا سينهار. وفى الواقع، فإن ما ستخسره حركة «حماس» من جراء محاربتها النظام المصرى تحت حكم السيسى أكثر بكثير مما قد تربحه. والراهن هو أن السلطات المصرية بحاجة إلى عدو خارجى من أجل تبرير نجاحاتها المحدودة خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، فالاقتصاد المصرى لا يزال متعثرا، والإرهاب فى سيناء يتزايد، والسياح لا يأتون، والأمريكيون غاضبون، والإثيوبيون يسيطرون على مياه النيل، ولا يمكن اتهام إسرائيل بذلك. فى مثل هذه الحال من يمكن اتهامه؟ الإخوان المسلمون وحماس. وبعد الاتهام ما الذى يمنع من مصادرة الممتلكات؟
يعرف المصرى الفقير أن الفلسطينيين يحصلون على مساعدة من الأونروا، وأن الدخل الفردى فى غزة أعلى بكثير من الدخل فى مصر، ولن يحدث شىء للفلسطينيين إذا تقاسموا ثروتهم مع مصر. لذا، فإن السيسى واثق من أن قرار مصادرة ممتلكات «حماس» سيحظى بدعم الجمهور المصرى المعارض للإخوان، وأن صورته ستتحسن قبيل موعد الانتخابات الرئاسية. وبهذه الطريقة تدفع «حماس» ثمن شعبية السيسى. بيد أن المشكلة تكمن فى أن هذا التعامل القاسى لمصر مع «حماس» قد يدفع الحركة إلى الرد عبر شن حرب إرهابية، ومطالبة إيران بأن تنقذها. وفى حال ترافق الضغط المصرى مع ضغط إسرائيلى، فإن الإيرانيين سيكونون متحمسين من جديد للعودة إلى تسليح «حماس» بأفضل ما لديهم من السلاح الذى يمر اليوم فى سوريا بسلسلة من التجارب على حساب سكان هذه الدولة الممزقة. والأكيد أن هذا لن يفيد مصر ولا إسرائيل أيضا.