أصبحت قضية المهاجرين إلى أوروبا قضية مقلقة للعالم أجمع خاصة لبلاد حوض البحر المتوسط وتسبب توترا كبيرا، فالمهاجرون يأتون من كل صوب وأصبحت للأسف قضية سياسية وبدلا من أن تكون قضية إنسانية، وتركيا الأردوغانية هى التى تلعب بأعصاب أوروبا، فقد هدد الرئيس التركى أردوغان مرارا بإغراق أوروبا بفيض من المهاجرين قائلا: «إن تركيا تخطط لإعادة مليون لاجئ سورى إلى «منطقة آمنة» فى شمال سوريا» وهدد بإعادة فتح درب الهجرة إلى أوروبا من خلال بلاده إذا لم يتلق دعما دوليا كافيا لخطته: «إن هناك خيارين إما أن نفعل ذلك وإما أن نفتح البوابات».
«إذا لم يقدموا (الاتحاد الأوروبى) لنا الدعم اللازم فى هذا الصراع، لن نكون قادرين على منع 3,5 مليون لاجئ سورى و2 مليون شخص آخر من الوصول إلى حدودنا قدوما من إدلب».
وهدد وزير الداخلية التركى: «إذا فتحنا الباب على مصراعيه، لن تتمكن حكومة أوروبية واحدة من البقاء فى السلطة لأكثر من ستة أشهر، ونحن ننصح الأوروبيين بألا يمتحنوا صبرنا».
الأرقام تقول إن هناك أكثر من ستة ملايين مهاجر ينتظرون فى بلدان تطل على البحر المتوسط العبور إلى أوروبا وفقا لتقرير حكومى ألمانى تسرب إلى صحيفة «بيلد» كما أن هناك أكثر من ثلاثة ملايين منتظرين فى تركيا.
قالت الحكومة اليونانية إن الرئيس التركى نفسه هو من يتحكم فى تدفقات المهاجرين إلى اليونان، ويفتح أمامها دروب الهجرة ويغلقها بهدف ابتزاز المزيد من الأموال والتنازلات السياسية الأخرى من الاتحاد الأوروبى، وفى الأشهر الأخيرة، هددت الحكومة التركية مرارا بأنها ستفتح الباب أمام فيض من المهاجرين إلى اليونان، ومنها بالضرورة إلى بقية أوروبا.
وصارت اليونان بمثابة «النقطة صفر» فى أزمة المهاجرين الحالية، فخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2019، وصل إلى اليونان 40 ألف مهاجر، هذا وأبرم مسئولون أوروبيون عام 2016 الاتفاق المشترك بين الاتحاد الأوروبى وتركيا بشأن اللاجئين، الذى عرض بموجبه الاتحاد الأوروبى على تركيا مجموعة من الحوافز الاقتصادية والسياسية فى مقابل تعهد أنقرة بوقف تدفق اللاجئين من تركيا إلى اليونان، وتلقت تركيا من المسئولين الأوروبين المدفوعين برغبتهم فى التوصل إلى اتفاق سريع، وعودا أكبر من قدرتهم على الوفاء بها ــ اشتملت بوجه خاص على تعهد خلافى بالسماح لمواطنى تركيا، وهى دولة ذات ثمانين مليون نسمة، بالسفر إلى أوروبا بحرية دون حاجة إلى تأشيرات دخول، ومنذ بدء نفاد هذا الاتفاق، تبادلت تركيا والاتحاد الأوروبى الاتهامات بعدم الوفاء بالالتزامات المتعهد بها فى الاتفاقية، وهدد الرئيس «أردوغان» مرارا بأن بإمكانه السماح لملايين أخرى من المهاجرين بالتدفق إلى اليونان. عمليا، انتقلت دروب الهجرة غربا من اليونان إلى إيطاليا، التى حلت محل اليونان فى عام 2016 باعتبارها نقطة الدخول الرئيسية للمهاجرين الساعين إلى دخول أوروبا، وبعد أن أعلن وزير الداخلية الإيطالى السابق «ماتيو سالفينى» فى يونيو عن تطبيق سياسات هجرة صارمة، انخفض عدد المهاجرين القادمين إلى إيطاليا انخفاضا هائلا.
369 ,119 مهاجر فى عام 2017 إلى 370,23 مهاجر فى عام 2018، بانخفاض قدره 80%، وفقا لما ذكرته المنظمة الدولية للهجرة. ونتيجة لتضييق إيطاليا على الهجرة غير الشرعية، انتقلت تدفقات الهجرة إلى الغرب مرة أخرى، هذه المرة إلى إسبانيا التى حلت محل إيطاليا باعتبارها البوابة الرئيسية للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، إذ وصل 65 ألف مهاجر إلى إسبانيا فى عام 2018، وفقا لما ذكرته المنظمة الدولية للهجرة.
وفى 22 يونيو، قال وزير الخارجية التركى «مولود جاويش أوغلو»: إن تركيا قد أوقفت تنفيذ اتفاق ثنائى مع اليونان بشأن إعادة قبول المهاجرين لأن أثينا أفرجت عن ثمانية جنود أتراك فروا إلى اليونان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة فى تركيا فى يوليو 2016.
«إنه ليس بإمكانه أن يهدد اليونان وأوروبا فى محاولة للحصول على المزيد من الموارد للتعامل مع مسألة اللاجئين، لقد قدمت أوروبا الكثير من الأموال بلغت قيمتها ستة مليارات يورو فى الأعوام الأخيرة، فى إطار الاتفاق المبرم بين أوروبا وتركيا والذى كان مفيدا للطرفين»، غير أن الأمور تبدو كما لو أن «أردوغان» له اليد العليا فى هذا النزاع، وقال وزير الداخلية فى قبرص: إن هذه القفزة فى أعداد المهاجرين مرتبطة بتصاعد التوتر بين أنقرة ونيقوسيا بشأن ما تمارسه تركيا من أعمال حفر لاستخراج البترول والغاز فى المنطقة الاقتصادية التابعة لقبرص وهنا بيت القصيد. وفى حالة قبرص، يصل أغلب المهاجرين إليها عن طريق البر، إن تركيا قد أبرمت عددا من الاتفاقات رفع القيود على تأشيرات السفر مع عدد من البلدان فى إفريقيا وآسيا، وهناك عدد كبير من المهاجرين يمكنهم الدخول إلى البر الرئيسى لتركيا دون قيود، ومن هناك يمكنهم السفر بمساعدة من مهربى البشر، فى كثير من الأحيان إلى شمال قبرص الذى تحتله تركيا عن طريق الجو أو البحر، ثم تنقلهم الباصات إلى الخط الأخضر الذى وضعته الأمم المتحدة؛ حيث يعبرون الحدود بطريقة غير قانونية إلى جمهورية قبرص، الجزء الناطق باليونانية فى جنوب الجزيرة وهى دولة عضو فى الاتحاد الأوروبى.
هذه القضية تعنينا لأنها تعنى أمننا وحدودنا وشعبنا حتى لو لم يظن ذلك جليا إلى الآن.