ما بعد فوز الإسلاميين - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
السبت 11 يناير 2025 3:41 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما بعد فوز الإسلاميين

نشر فى : الأربعاء 11 يناير 2012 - 9:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 11 يناير 2012 - 9:00 ص

مع النجاح الكاسح الذى حققه حزب الحرية والعدالة فى انتخابات المراحل الثلاث لمجلس الشعب، أصبح من المتوقع أن يبسط الإخوان نفوذهم على كثير من جوانب الحياة السياسية فى مصر، وبالأخص فى الجوانب التشريعية والرقابية التى تناط مهامها بالبرلمان، إن لم يكن بتشكيل حكومة جديدة. فإذا أضفنا إلى ذلك ما حققه السلفيون «حزب النور» من فوز بنسبة لا بأس بها من المقاعد، كان علينا أن نتعامل مع برلمان يغلب عليه التيار الإسلامى أمام أقلية ليبرالية.. حيث لا ينتظر أن تختلف نتائج الشورى كثيرا عن مجلس الشعب.

 

وعلى الرغم من القفزة الكبيرة التى حققها حزب الوفد فى المرحلة الثالثة، وما قد يحققه فى انتخابات الشورى، إلا أن الشكل العام للبرلمان القادم لن يغير كثيرا من موازين القوى.. حتى ولو قام ائتلاف بين الحرية والعدالة من ناحية وبعض الأحزاب الصغيرة من ناحية أخرى، كما يتنبأ بعض المحللين.

 

وسواء اتفق على كتابة الدستور أولا أم على الانتخابات الرياسية أولا، فلن يغير ذلك من الأوضاع الجديدة شيئا.

 

ومن هنا بدأت أطراف عديدة تستعد لمواجهة المتغيرات المحتملة، سياسيا واقتصاديا وثقافيا فى ضوء غلبة التيار الإسلامى. وربما كان الأمريكيون هم أسرع القوى للسعى إلى إحداث تغيير فى العلاقات مع الإخوان. وفى محاولة إقامة علاقات مع منظمة كان ينظر إليها بعين العداء ضد المصالح الأمريكية. وهو ما يعتبر تحولا تاريخيا فى السياسة الأمريكية التى انتهجت عقودا عديدة سياسة دعم النظام السابق وأيدت سياساته فى تضييق الخناق على الإخوان المسلمين، حرصا على علاقاتها ومصالحها الاستراتيجية والعسكرية مع الرئيس المخلوع.

 

فخلال الأسابيع الأخيرة خرجت تصريحات رسمية أمريكية، تفيد بأن وزارة الخارجية الأمريكية أجرت مقابلات ومحادثات على مستوى عال مع الإخوان، تمثل تحولا فى السياسة الخارجية الأمريكية. وأكدت المتحدثة الأمريكية الرسمية أن جماعة الإخوان قدمت للولايات المتحدة ضمانات بالنسبة لاحترام معاهدة السلام مع إسرائيل. وقالت المتحدثة فى مؤتمر صحفى إنهم قطعوا تعهدات لنا فى هذا الشأن. وإن مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأوسط ــ الذى زار القاهرة مؤخرا ــ أجرى سلسلة من المحادثات واللقاءات تتناول انتخابات مجلس الشعب.

 

والمعروف أن برنامج حزب الحرية والعدالة عبّر عن موقفه من معاهدة السلام المصرية مع إسرائيل، بأن الاتفاقات الدولية لابد أن تكون مقبولة شعبيا وتحقق المصالح للطرفين مع ضرورة التزام الطرفين بتطبيق نصوصها، وبما يتيح مراجعة هذه الاتفاقيات طبقا للقانون الدولى والمعاهدات المعقودة.

 

ولكن هذه التأكيدات الأمريكية قوبلت بإنكار شديد من جانب قيادات الإخوان. وسارع أكثر من قيادى إخوانى منهم عصام العريان والكتاتنى الأمين العام للحزب إلى التأكيد على أن أيا من الجماعة أو الحزب لم يقدما لواشنطن ضمانات بخصوص معاهدة السلام مع إسرائيل. وكذّبا تلقى الحزب أى اتصال مع مسئول أمريكى بخصوص هذا الموضوع. وسواء صح ما تقوله واشنطن أو ما كذّبه الإخوان، فإن متغيرات الربيع العربى ووصول الإسلاميين إلى الحكم فى مصر وفى عدد من دول الثورات الأخرى، يأتى فى إطار الاستراتيجية الأمريكية الدفاعية الجديدة التى تركز على آسيا والشرق الأوسط لضمان درجة من الاستقرار، مع الحفاظ على التفوق العسكرى الأمريكى فى المنطقة دون أن تفقد نفوذها.

 

ليس الأمريكيون وحدهم الذين يستعدون لمرحلة وصول الإخوان إلى الحكم.. بل تبدو تحركات القوى الليبرالية فى مصر نفسها دليلا على الشعور بالقلق والخوف من المستقبل. ولم تتضح حتى الآن معالم خطط أو سياسة واضحة لليبرالية تحدد أسلوب التعامل مع الأغلبية الحاكمة من التيار الإسلامى، حتى فيما يتعلق بإرساء أسس للتحالف البرلمانى. وكم يبدو مثيرا للانتباه تلك الجهود المكثفة فى دائرة جماعات المثقفين والمبدعين والسينمائيين ــ ليس للنهوض بالثقافة ــ ولكن لإقامة تشكيلات دفاعية تسمح بالعمل الجمعى المشترك من أجل الدفاع عن حرية الإبداع الأدبى والفنى. يقف فى وجه التيارات السلفية المتشددة التى قد تحاول تقييد حرية الإبداع والفكر.

 

ومن يدرى، فقد تنجح البرجماتية الإخوانية فى إيجاد حلول وسط أقرب إلى روح العصر، تحول دون صدام مبكر!      

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات