سبع سنوات سجنا، بدلا من البراءة، هكذا حكمت محكمة استئناف سفاجا أمس ضد ممدوح إسماعيل صاحب عبارة الموت.
ربما يكون الحكم أكثر بردا وسلاما على قلوب أهالى أكثر من ألف شهيد ابتلعهم بحر الفساد الممتد من الماء إلى الماء فى مصر المحروسة، ولكن هل ممدوح إسماعيل، أو موظفو إمبراطوريته، هم فقط الجناة فى أخطر قضايا هذا العصر السعيد؟
جميل أن ينتصر القضاء جزئيا لأهالى الضحايا من قاتليهم، لكن من يقتص لمصر من صناع ممدوح إسماعيل وغيره فى قائمة طويلة ممتدة عنوانها الفساد القادم من زواج المال بالسلطة؟
سبع سنوات سجنا على جريمة قتل 1033 مواطنا، بحسبة بسيطة فإنه فى حالة تنفيذ الحكم تصبح عقوبة ممدوح إسماعيل الفعلية هى السجن يوما وبعض يوم عن كل قتيل، لا نعلق على أحكام القضاء، ولا نجرؤ على ذلك، بل نعتبر الحكم عادلا للغاية وقويا بالنظر إلى حجم المتهم وقوة نفوذه، وفى حدود المعلومات المتاحة فى إن استخدام لغة الأرقام ليست مؤثمة بنص القانون والدستور حتى الآن.
وإذا كانت أرواح ضحايا العبارة قد هدأت قليلا، وشفى أهاليهم غليلهم بعض الشىء، فمتى يطمئن ركاب العبارة الكبيرة على حياتهم ومستقبلهم، أقصد مصر التى تبدو مثل عبارة هائلة تمضى فى بحر هائج تصارع الأمواج والحيتان، وهى تتخبط هنا وهناك، وتصطدم بصخور يمينا وشمالا، بينما لا شاطئ هناك ولا ضوءا بعيدا تهتدى به وإليه.
محظوظون ضحايا عبّارة ممدوح إسماعيل، عرفوا مصيرهم وارتاحوا، بينما ضحايا العبارة الكبيرة الأحياء، لا يعرفون لرحلتهم الإجبارية نهاية، فالجميع محاصرون، لا هى تستقر بهم فى القاع، ولا تعرف طريقها لشاطئ، أى شاطئ.
إننا جميعا، مصريين وعربا، رهائن بحر من الجنون والعبث، فى السياسة وفى الاقتصاد، فى الداخل والخارج، وطبيعى عندما يغيب المنطق أن يصبح كل شىء قفزا فى المجهول، وهل هناك عبثية أكثر من أن يحتشد العرب المعتدلون مع أمريكا وإسرائيل فى مواجهة عدو واحد هو إيران؟
وهل هناك عبثية أكثر من أن يصبح عزت الدورى، الذى كان حتى ساعات مضت مطاردا ومطرودا، وبلا أى مقدمات يصبح رقما مهما فى معادلة توحيد العرب ضد طهران؟
هل كان أحد يتصور أن يفكر عرب الاعتدال فى إحياء القومية العربية بمشاركة سعودية، وفقا لسيناريو أمريكى لإعادة صياغة المنطقة؟