د. غابى أفيتال< إن من مكونات مناعة المواطن وثقته بالمؤسسة الأمنية والعسكرية، معرفته أن الموارد الهائلة التى تستثمر فى المؤسسة الأمنية والعسكرية ستعطى ثمارها إبان الحرب وفى فترات الهدوء. وفى مناسبة يوم الاستقلال (ذكرى إنشاء دولة إسرائيل)، يبالغ قادة أفرع الأسلحة ورئيس هيئة الأركان العامة فى الجيش الإسرائيلى فى عرض بضاعتهم ــ وحسنا يفعلون. بيد أن هناك تصريحات معينة قد تُفهم على غير مقصدها الأصلى.
• فلسنوات عدة، كانت العقيدة الأمنية للجيش الإسرائيلى ترتكز على مبدأ حسم المعركة بشكل فورى بواسطة سلاح الجو. لكن، وعلى الأقل فى حرب لبنان الثانية ( 2006 )، خاب الأمل المعقود على تلك التوقعات. وهناك من يعزو الأمر إلى كون رئيس هيئة الأركان العامة آنذاك (دان حالوتس) قادما من سلاح الجو. وهناك من يعزو الأمر إلى تراجع جهوزية القوات النظامية وقوات الاحتياط، ونقص على الصعيد الاستخباراتى وما إلى ذلك. وعلى كل حال، لم يعد مقبولا العودة إلى وضع يضطر فيه مليون مواطن إلى مغادرة سكنهم أياما كثيرة خوفا من القذائف الصاروخية والصواريخ.
• فعندما يتكلم قائد سلاح الجو اللواء أمير إيشيل عن جاهزية سلاح الجو لتنفيذ آلاف الطلعات يوميا، فهذا يعنى أن تكون جميع الطائرات المقاتلة رهن تنفيذ مهمة القضاء على مطلقى الصواريخ والقذائف الصاروخية. وبالتالى، ينبغى أن يكون النجاح مطلقا. فهل هذا كاف؟ ذلك يتوقف على أمور عدة. فإذا كان المقصود هو الجبهة الإيرانية، فينبغى إشراك سلاحين أساسيين فى الضربة. سلاح البحر وسلاح الجو. وحتى فى حال إشراك وحدات خاصة إضافية، فإن القوات البرية غائبة عن هذا السيناريو. لكن عندما يكون المقصود هو الجبهة القريبة، الشمالية والجنوبية، فإن الجيش الإسرائيلى ملزم بالحرص على جهوزية القوات القادرة على حسم المعركة، أى القوات المدرعة وأسلحة المدفعية والهندسة والمشاة.
• ليس من الضرورى أن تكون هناك حاجة لإشراك القوات البرية، وليس ذلك بسبب التخويف المستمر من إمكانية وقوع خسائر بشرية عديدة لدى الجانبين. ففى حال شمول بنك الأهداف الذى تكلم عنه قائد سلاح الجو البنى التحتية للطاقة والمياه ومراكز القيادة والتحكّم، تتقلص الحاجة إلى الحسم البرى. وبمستطاع إسرائيل وهذا رهن مشيئتها فقط، تدمير البنى التحتية وأجهزة التحكّم والطاقة وإلحاق الأذى الكبير بالخصم، مع إبقاء عدد الخسائر البشرية فى حده الأدنى «لدى الجانبين».
• إن ثقة اللواء إيشيل بجهوزية سلاح الجو نابعة أساسا من الجهد الكبير الذى يبذل بهدف زيادة فاعلية الأموال المخصصة له، تزامنا مع تحقيق أهداف متعددة. ويمرّ الجيش الإسرائيلى حاليا بعملية إعادة هيكلة بفعل إلغاء وحدات قتالية وخفض ساعات التدريب، الأمر الذى قد يلحق الضرر بمعدل نجاح الحسم بواسطة سلاح الجو فقط. لكننا نتفق بشأن واحد مع أولئك الذين يتحفظون عن قدرة سلاح الجو على النجاح على الجبهتين الشمالية والجنوبية. فإذا كان التخطيط يسعى لتدمير معظم بطاريات الصواريخ والقذائف الصاروخية، فإن النجاح لن يكون باهرا. والمطلوب من الجيش الإسرائيلى هو مساعدة القيادة السياسية فى حال اتخاذها قرارا يعطى الأفضلية لتدمير الروح المعنوية للعدو: (تدمير) المرافق الحيوية بالنسبة لجميع الشرائح السكانية بشكل عام، وأسس الحكم بشكل خاص.