يأتى الموعد الثانى الذى حدده الأطباء للإضراب وهم بين مؤيد ومعارض. منهم من أصر ومنهم من أعلن عن وقفة احتجاجية بدون إضراب ومنهم من اختار إضرابا يعبر عن حيرته فى التعبير عن سخطه على الأوضاع التى يعانى منها ورغبته فى التغيير والتزامه بقضايا وطنه وإيمانه وقناعته بنبل الرسالة التى اختار أن يؤديها وأنا مع هؤلاء الحائرين. انتهى ذلك العهد الذى كان يضمن للطبيب حياة رغدة تعاون على الترفع عن السعى الحثيث وراء الرزق وما قد ينال من صورته المهيبة فى عيون الناس من جراء ذلك.
انتقل الطبيب إلى خانة مواطن مصرى يسعى لكسب قوت يومه فى ظروف صعبة متغيرة آخرها مظاهر العنف والبلطجة فى أقسام الاستقبال فى المستشفيات العامة، الأمر الذى دعا وزير الصحة للتصريح بأنه على استعداد لأن «يشحت أو يبيع هدومه» لتوفير الأمن وحماية الأطباء أثناء تأدية عملهم.
انقطعت صلة الأطباء تقريبا بأهم مؤسستين لهما دور أصيل فى مساندة رسالتهم: وزارة الصحة التى ترهلت وشحت مواردها وبدت ميزانيتها عاجزة عن تدبير رواتب للأطباء تتناسب ومقاييس الحياة الكريمة ونفقات تغطى حاجة المواطن للتأمين الصحى، فما بالك بما يجب أن تتبناه من مشروعات لطب الأسرة والطب الوقائى وطب مواجهة الأزمات أما البحث العلمى فلك أن تنساه تماما!
ثم نقابة الأطباء التى تفرغت لمشروعات الإغاثة والمعونات العاجلة فى العالم لكنها والحق يقال فى زحمة انشغال القائمين عليها بأمور السياسة لم يغفلوا عن بعض المشروعات الخدمية المهمة للأطباء المصريين كمعارض السلع المعمرة أو رحلات المصايف!
انتخابات نقابة الأطباء على الأبواب والرغبة فى التغيير يجب أن تقترن بالقدرة الفاعلة على تحقيقه فهل يعى الأطباء هذه المرة الدرس؟ أما وزارة الصحة فما الذى تنتظره وقد جاءها وزير رأسا من الميدان؟ حيرة الأطباء فى هذا الزمان حيرة حقيقية مرة لكنها جزء من حيرة هذا الوطن فى زمن صعب أهم ما يبددها: العمل فهيا ابدأوا إذا أردتم خروجا منها.