احتفل العالم منذ عدة أيام مضت «بيوبيل الأرض» الذى يعيد إلى أذهاننا بهاء الخليقة التى خلقها الله سبحانه وتعالى وواجبنا فى الاعتناء بأمنا الأرض بعد أن أصابتها الأوبئة بسبب إهمال الإنسان واستنزافه للأرض والسماء والمياه مما لوث كل ذلك لذلك سنة اليوبيل التى نحتفل فيها هذا العام هى:
أولا: للتذكر وهو فرصة لنتذكر دعوة الخليقة الأصلية وهى أن تكون وتزدهر كجماعة محبة. وجودنا هو مجموعة علاقات مع الله الخالق ومع الإخوة والأخوات الأعضاء فى العائلة المشتركة، ومع جميع المخلوقات التى تسكن بيتنا المشترك نفسه.
ثانيا: هو زمن للتوبة فقد كسرنا الروابط التى كانت توحدنا مع الخالق ومع سائر الناس ومع سائر الخليقة. نحن بحاجة إلى أن نشفى هذه العلاقات التى دمرناها لأنها ضرورية لنحفظ أنفسنا ونسيج الحياة بأكمله. لا يمكن أن نعيش فى انسجام مع الخليقة دون أن نكون فى سلام مع الخالق مصدر كل الأشياء وأصلها. والمادة صارت مجرد مادة بالنسبة لنا وحيث صرنا نحن أنفسنا المرجع الأخير لأنفسنا، يدعونا مرة أخرى فى أن نفكر فى الآخرين وخاصة الفقراء والأكثر ضعفا. اليوبيل هو زمن لمنح الحرية للمظلومين ولجميع المقيدين من العبودية الحديثة مثل الاتجار بالبشر وعمل الأطفال القاصرين.
نحتاج أيضا إلى أن نعود إلى «الإصغاء إلى الأرض». ينذرنا اليوم صوت الخليقة المرتعب وينبهنا لنعود إلى المكان الصحيح فى نظام الطبيعة ولنتذكر أننا جزء ولسنا أسيادا فى شبكة الحياة المترابطة.
ثالثا: حافظ الله بحكمته على يوم حتى تستريح الأرض وسكانها فتتجدد الحياة فيها وفيهم. ومع ذلك، فإن أنماط حياتنا اليوم تدفع الكوكب إلى ما وراء طاقته. الطلب المستمر للنمو، ودورة الإنتاج المستمرة، والاستهلاك، كل ذلك يُنهك البيئة. الغابات تتلاشى، والتربة تتآكل، والحقول تختفى، والصحارى تتسع، والبحار تزداد ملوحة، والعواصف تشتد: الخليقة تئن!
قادتنا الجائحة الحالية نوعا ما إلى أن نعيد اكتشاف أساليب حياة أبسط وأكثر قابلية للبقاء. لقد منحتنا الأزمة، إلى حد ما، الفرصة لنطور طرقا جديدة للعيش. صار من الممكن لنا أن نرى كيف يمكن للأرض أن تتعافى إذا سمحنا لها بالراحة: أصبح الهواء أنظف، وأصبحت المياه صافية، وعادت الأصناف الحيوانية إلى العديد من الأماكن التى اختفت منها.
رابعا: للإصلاح هو زمن لاستعادة الانسجام الأصلى للخليقة ولإصلاح العلاقات الإنسانية التى أصابها التلف، فهذا يدعونا إلى إعادة إقامة علاقات اجتماعية متعادلة، فنعيد إلى كل فرد حريته وخيراته الخاصة، «ونلغى ديون الآخرين ». لذلك يجب ألا ننسى تاريخ استغلال جنوب الكرة الأرضية، والذى تسبب فى مشاكل بيئية ضخمة، ويرجع ذلك أساسا إلى نهب الموارد والاستخدام المفرط للأماكن البيئية المشتركة من أجل التخلص من النفايات. حان الوقت لعدالة إصلاحية. لذا أنادى بإلغاء ديون الدول الفقيرة فى ضوء الآثار الخطيرة للأزمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية التى يجب أن تواجهها بعد فيروس الكورونا.
نحن مُطالبون بإجراء إصلاحات وفقا للعدالة، فنضمن للذين سكنوا أرضا مدة أجيال أن يستعيدوا المقدرة على استخدامها بصورة كاملة. ينبغى حماية السكان من الشركات، متعددة الجنسيات التى تعمل، بصورة ضارة، من خلال استخراج الوقود من المتحجرات والمعادن والأخشاب ومنتجات الصناعات الزراعية، «وتصنع فى البلدان النامية، ما لا يمكنها أن تعمل فى البلدان التى توفر لها رءوس الأموال» هذه الإساءة من قبل الشركات هو «نوع جديد من الاستعمار» استغلال مخجل لجماعات وبلدان فقيرة تسعى يائسة لنموها الاقتصادى.
أخيرا، للفرح نحن نعلم أن صراخ الأرض والفقراء، فى السنوات الأخيرة، أصبح عاليا. فى الوقت نفسه، الله يُلهم الأفراد والجماعات فى كل مكان لكى يتحدوا من أجل إعادة بناء بيتنا المشترك، وأن يدافعوا عن الفئات الأكثر ضعفا. إننا نشهد ظهورا تدريجيا لتطوع كثير من الناس، يعملون بسخاء من أجل حماية الأرض والفقراء. إنه أمرٌ مفرح أن نرى الكثير من الشباب والجماعات، وخاصة السكان الأصليين، فى الطليعة لمواجهة الأزمة البيئية.
أمرٌ مفرحٌ أيضا أن جماعات كثيرة ما زالت تتقارب لخلق عالم أكثر عدلا وسِلما وقابلية للبقاء. إنه لسبب فرحٍ خاص أن يصبح «زمن الخليقة» مبادرة مسكونية حقا.