أوباما لم يعد يهتم بمصر - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 3:01 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أوباما لم يعد يهتم بمصر

نشر فى : الجمعة 12 ديسمبر 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الجمعة 12 ديسمبر 2014 - 8:05 ص

جمعنى لقاء امتد لأكثر من ساعة ونصف الساعة مع أحد أهم كتاب الرأى فى أعرق صحيفة أمريكية الأسبوع الماضى. التقينا فى مكتبه الكائن على بعد مائة متر تقريبا من البيت الأبيض، ويُعرف الكاتب فى العاصمة الأمريكية بكونه أحد المقربين من الرئيس الأمريكى، وقال لى الكاتب إن الرئيس أوباما يعد صديقا شخصيا له منذ زمن طويل. أعددت نفسى للقاء بعدد كبير من الأسئلة تغطى موقف وتعامل الإدارة الأمريكية مع قضايا الشرق الأوسط، ومصر المختلفة. وتخيلت اللقاء عبارة عن توجيه أسئلة من طرف واحد، هو أنا. إلا أن الكاتب أراد عكس ذلك بسبب فضوله الصحفى والمعرفى، إضافة إلى ارتباك المشهد السياسى المصرى عليه. وبعد انتهاء اللقاء أخبرته برغبتى فى الكتابة عن لقائنا، فرحب بشرط عدم ذكر اسمه.

•••

سأل الكاتب عن أخبار تزعم وصول تنظيم داعش لمصر، وبالأخص لسيناء، وسأل أيضا عن أسباب الانهيار المهنى الذى وصل إليه الإعلام المصرى. لم يفهم الكاتب استمرار إهمال تنمية وتعمير سيناء من الحكومات المصرية المتتالية رغم ما سببه ذلك ويسببه من شروخ وتحديات مجتمعية وأمنية هائلة للدولة المصرية. استغرب الكاتب ما وصل إليه حال الحريات فى مصر، وحاول أن يستمع منى إلى طبيعة المنطق الحاكم لسياسات الحكومة المصرية فى هذا المجال، إلا أن عدم معرفتى الشخصية بالمنطق وراء هذه السياسات الحكومية المصرية أضاف إلى إحباط الكاتب المزيد، ولم يخفف من قلقه على الاتجاه الذى تسير إليه مصر، ويراه هو مظلما. إلا أن أكثر ما تساءل عنه الكاتب مستغربا هو ما أوصل علاقة الحكومة المصرية بالشباب، وبالأخص شباب جامعات مصر، إلى ما تشهده من انهيار وتباعد.

ووجه الكاتب سؤالا مباشر عما إذا كانت جماعة الاخوان المسلين تقف وراء العمليات الإرهابية المتكررة التى تشهدها مصر.

ثم أشتكى الرجل (الذى يعرف قدرا معقولا من اللغة العربية) مما يسمعه ويشاهده على شاشات القنوات المصرية من وصلات ردح وغياب كامل للمنهية الإعلامية فى أبسط صورها. كما أشتكى مما تقع عليه عيناه كثيرا من أخبار مفبركة على صفحات الجرائد المصرية، التى يعرفها جيدا منذ أكثر من ربع قرن، وكان حتى ماض قريب يحترم بعضها ويتابع كتابها. واستغرب الكاتب، المعروف أيضا بعلاقاته العربية المتشعبة، عما وصل إليه وضع علاقات دول عربية بعضها البعض من حالة حروب باردة لم يعهدها مواطنو هذه الدول.

•••

سألت الرجل عن تفاصيل وديناميكيات صنع القرار المتعلق بالشرق الأوسط داخل أركان الإدارة الأمريكية، سواء تلك الموجودة داخل البيت الأبيض، أو الاخرى الموجودة فى وزارات الخارجية والدفاع وأروقة الكونجرس. وسألت عن المنافسة البيروقراطية وضغوط بعض الدول الخليجية، ودور شركات اللوبى فى اتخاذ القرارات الأمريكية المتعلقة بالمنطقة. وتحدثنا طويلا عن الرئيس عبدالفتاح السيسى وعلاقات الإدارة الأمريكية بمصر، ومعضلة المساعدات، وعلاقة واشنطن بجماعة الإخوان المسلمين. واتفقنا على أن القاهرة لا تريد لعلاقاتها بواشنطن أن تتغير عما جمع العاصمتين على مدار أكثر من ثلاثة عقود، وهو النمط التقليدى الذى جمع الدولتين أثناء حكم الرئيس مبارك. علاقات استراتيجية بين الدولتين، مع وجود مساحة محددة ومنضبطة للاختلاف حول قضايا الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان. وأعتقد البعض أن الرئيس أوباما أظهر تفهما لموقف القاهرة هذا خلال كلمته المتعلقة بالسياسة الخارجية والتى ألقاها أمام كلية ويست بوينت العسكرية عشية بدء الانتخابات الرئاسية فى مصر «إننا نعترف بأن علاقتنا، فى بلدان مثل مصر، ترتكز على مصالح الأمن ــ من معاهدات السلام مع إسرائيل، إلى تقاسم الجهود المبذولة لمكافحة التطرف العنيف. لذا لم نقطع التعاون مع الحكومة الجديدة، ولكنه يمكننا وسوف نستمر فى الضغط من أجل تحقيق الإصلاحات التى يطالب بها الشعب المصرى».

ودعمت تلك الفكرة بعد اللقاء الشهير الذى جمع أوباما والسيسى فى نيويورك على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويرى الكاتب أن تداعيات الربيع العربى المستمرة والدراماتيكية، والتى يراها لن تتوقف فى المستقبل القريب، وما نشهده من انزلاق عدة دول لدائرة العنف والاقتتال الأهلى مثل سوريا وليبيا واليمن والعراق، تقلل من أهمية الدور المصرى المرتبط تاريخيا بوطن عربى يتمتع باستقرار نسبى يمكن معه الحديث عن عملية سلام عربى إسرائيلى، أو يمكن خلاله احتواء مخاطر النفوذ الإيرانى والعمل مع واشنطن لمواجهته.

•••

وقبل نهاية لقائنا ألقيت سؤالا محددا: كيف ينظر الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى الوضع فى مصر؟ فرد قائلا باللغة العربية «تعبان وقرفان». ثم أوضح الكاتب أن أوباما تعب وسأم sick and tired مما يحدث فى مصر، لدرجة أنه لا يتابع شخصيا تطورات الأوضاع فيها على العكس مما كان عليه من سنتين أو ثلاث سنوات ماضية.

إلا أن الكاتب المرموق أردف قائلا: إن أوباما لا يهتم بمصر الآن، والقضية المصرية ليست على رأس قائمة اهتماماته فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، إلا أن مصر دولة هامة بالطبع. إلا أن ما عاناه أوباما من وبسبب مصر جعله يختار أن ينأى بنفسه بعيدا عما يجرى فيها. إلا أن هذا الوضع قابل للتغيير إذا ما أدى عدم الاستقرار داخل مصر لتبعات خارج حدودها، أو أن تؤدى الاوضاع داخل مصر لظهور محمد عطا أو أيمن الظواهرى من جديد

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات