لطالما أحببت تلك السيارة الصغيرة الرشيقة، كان غالبية أصحابها من الطبقة المتوسطة الذين استطاعوا تكوين مدخرات تكفى بالكاد لشراء هذه السيارة التى لم يكن ثمنها يتجاوز الـ 20 الف جنيه وربما اقل، كان ذلك فى بداية التسعينيات وكانت شركة النصر للسيارات التى أنشئت فى عام 1960 لتكون اول شركة من نوعها فى الشرق الاوسط، على وشك ايقاف انتاج السيارة «فيات 128»
بالفعل تحقق حلمى واشتريت سيارة 128مستعملة لتظل معى عدة سنوات وعندما قررت شراء سيارة جديدة «بالتقسيط» اتجهت إلى شركة النصر وبحثت عن «واسطة» لأحصل على سيارة شاهين دون المكوث طويلا فى قائمة الانتظار الشهيرة التى تضم حاجزى السيارة التى تنتجها الشركة بالتعاون مع الجانب التركى، كان ذلك فى عام 1997.
بعدها بسنوات قليلة، ومع بدء سياسة الخصخصة، شهدت الشركة تدهورا متعمدا ثم جاء قرار تعويم الجنيه ليضاعف مديونية الشركة الدولارية، وبأت الخصخصة بوجهها القبيح تقترب من الشركة العريقة، لتبدأ سياسة المعاش المبكر، رفض العمال فى البداية الا انهم اضطروا فى اخر الامر إلى الخروج بعد اعلان تصفية الشركة فى اواخر العهد البائد، خرج اكثر من 9 آلاف عامل وصمد 247 عاملا رفضوا الخروج تحت اى اغراء ورضوا بالعمل خفراء ومديرى مخازن وهم المهندسون والخبراء الفنيون ذوو المستوى الرفيع.
بعد الثورة عاد الامل للعمال المخلصين الذين تمسكوا بحلمهم فى استعادة شركتهم واعادتها للعمل، لم يدخروا جهدا ولم يتركوا بابا دون طرقه، ارسلوا مذكرات إلى كافة الجهات، رئيس الجمهورية والحكومة ووزارة الاستثمار والصناعة ومجلس الشعب قبل حله ثم مجلس الشورى، وقام أول رئيس للشركة «عادل جزارين» بتقديم دراسة فنية تؤكد امكانية عودة الشركة للعمل، بل ان هناك خطوطا يمكن ان تعمل على الفور دون صيانة بعد ان كانت معطلة طوال السنوات الماضية رغم وجود عروض من القطاع الخاص لاستخدامها مثل خط «الالبو» الخاص بطلاء السيارات ضد الصدا وكان يستخدم تجاريا حتى ان السيارات المرسيدس كان يتم طلاؤها فى «النصر للسيارات».
أخيرا انتصر العمال الـ247 وانتهت ازمة «النصر للسيارات» بذهابها إلى وزارة الانتاج الحربى وعاد من جديد الحلم الذى نشأت الشركة من اجله ولم يتحقق «حلم تصنيع سيارة مصرية»، والذى يؤكد «جزارين» على امكانية تحقيقه، فقد نجحت مصر فى اواخر الستينيات فى انتاج محرك بقوة 1500 سى سى بحسب الدكتور جزارين الذى يشير بمرارة إلى تصريح وصفه «بالخايب» لأحد وزراء الحكومة الحالية، يقول فيه إن مصر ستنتج محرك سيارة لأول مرة!!