اختراق عسكري أوكراني مبهر بين مخالب الدب الروسي! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الجمعة 13 سبتمبر 2024 3:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اختراق عسكري أوكراني مبهر بين مخالب الدب الروسي!

نشر فى : الثلاثاء 13 أغسطس 2024 - 8:20 م | آخر تحديث : الثلاثاء 13 أغسطس 2024 - 8:20 م

«فى هذا النوع من الهجوم تكون الأولوية القصوى للسرعة.. أن تستفيد مما لا يصل إليه عدوك.. أن تسلك الطرق التى لا يتوقعها.. وأن تهاجم حيث لا يكون قد أجرى أى تحضيرات».. هذه هى وصايا صن تسو، الجنرال الصينى العظيم، وأحد المنظرين التاريخيين للاستراتيجية العسكرية وإدارة العمليات الحربية فى كتابه الشهير «فن الحرب» الذى يعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وهو يصف مفهوم العمل العسكرى الهجومى الذى يمكن أن نطلق عليه وصف الخاطف.
إذا أمعنا النظر فى العملية العسكرية الأوكرانية الخاطفة والمبهرة لعشاق الاستراتيجية العسكرية والمباريات الحربية والتى بدأت ليلة 5- 6 أغسطس الجارى بالاندفاع لاختراق الحدود الروسية فى اتجاه كورسيك، سنجد أن كل ما ذكره صن تسو قد حققه الأوكران ببراعة فى هذه العملية حتى الآن، فاندفعوا بأقصى سرعة فى اتجاه محور كورسك، فتحوا جبهة للقتال لم يتوقعها جنرالات بوتين.. هاجمهوهم حيث يفتقدون لأى تحضيرات دفاعية وهو ما برز فى استسلام الجنود الروس غير المؤهلين لصد هجوم واسع؛ الأمر الذى يجعلنى أقول إذا نجحت القوات الأوكرانية فى تحقيق المهمة المباشرة من هذه العملية، والتى لم يعلنها الأوكران صراحة، وهى السيطرة على محطة كورسيك الروسية للطاقة النووية أو حتى حصارها وقطع خطوط الإمداد عنها، ستكون قد حصلت على ورقة مهمة فى تحرير محطة زابوروجيا النووية الأكبر فى أوروبا، والتى تحتلها روسيا منذ الأسابيع الأولى للقتال فى مارس 2022، وعندها يمكن للرئيس الأوكرانى الذهاب للمفاوضات، وهو أبعد ما يكون عن وصف «المستسلم» الذى يريده له سيد الكرملين.
***
فى تفاصيل هذه العملية التعرضية الأوكرانية نجد أنه فى الساعات الأولى من صباح 6 أغسطس الجارى، عبرت وحدات من الجيش الأوكرانى الحدود إلى منطقة كورسك الروسية فى خطوة مفاجئة أنهت محرمات استمرت عامين ونصف العام بشأن العمليات العسكرية على الأراضى الروسية. وهو ما جعلنا أمام لحظة يمكن وصفها بـ«الفاصلة» فى الحرب الروسية - الأوكرانية ومعلمًا تاريخيًا فى حد ذاتها؛ ذلك أنه لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، يتم غزو روسيا من قبل جيش أجنبى.
تشير التقارير الأولية إلى أن هذه العملية الطموحة تم إعدادها وسط سرية كبيرة على مدى أشهر، ونجحت أوكرانيا فى مباغتة روسيا تمامًا، حيث تقدمت القوات الأوكرانية عشرات الكيلومترات داخل منطقة كورسك خلال الأيام الأولى من الحملة. ورغم أن الكثير من المحللين يعتبرون أن أهداف هذا الغزو الأوكرانى لكورسك محاطة بالغموض، لكننى بحكم متابعتى الدقيقة لسير القتال منذ اندلاعه ومعرفتى بموضع الألم الأوكرانى فى هذه الحرب (استيلاء الروس على محطة زابوروجيا للطاقة النووية) لم أستغرق وقتًا طويلًا بعد انتشار أنباء الهجوم الأوكرانى ومعرفة اتجاهه من التوصل لأن الاستيلاء على محطة كورسك النووية الروسية والتى تضم أربعة مفاعلات هو الهدف من هذا الهجوم، فبعد تحقيقه سوف يكون بمقدور الأوكرانيين الذهاب إلى طاولة المفاوضات ولديهم أوراق قوية للتفاوض، والاستعداد لمبادلة محطة نووية بمحطة نووية.. وأراض داخل أوكرانيا بأراض داخل روسيا.
***
هل فى مقدور الجيش الأوكرانى تحقيق هدف عملية كورسك؟
على الرغم من النجاحات الأولية التى حققها هجوم كورسك، فإنه يحمل مخاطر جسيمة، بحسب الكثير من الخبراء العسكريين المحايدين؛ ذلك أن الأمر الأكثر إلحاحًا هو أن التقدم السريع الذى حققته أوكرانيا قد أدى إلى إطالة خطوط إمدادها، وطول خطوط الإمداد يجعل تأمين أجناب قواتها مسألة صعبة، أمام الهجمات المضادة الروسية التى تحشد لها موسكو بكثافة فى هذه الساعات، كما تقوم بالمناورة بالقوات على محاور مختلفة للقتال.
أمام هذا الوضع إذا ما نجحت القيادة الأوكرانية فى تعزيز قواتها (وهى التى تعانى من ضعف احتياطاتها فى العتاد والرجال) وتنظيم دفاعها داخل الأراض الروسية (وهى التى تفتقر إلى المعدات الهندسية اللازمة لتدعيم وتجهيز خطوط الدفاع الثابتة) وصد الهجمات المضادة الروسية، سوف تحقق مكسبًا استراتيجيًا مهمًا فى هذه الحرب.
فى الساعات الأخيرة لجأ الطرفان الروسى والأوكرانى للإسراع فى إنشاء التجهيزات الهندسية الدفاعية.. روسيا تنشئ خط دفاع فى محيط محطة كورسك النووية، اتجاه المجهود الرئيسى للهجوم الأوكرانى، والأوكران يجهزون خطوط دفاع لصد الهجوم المضاد الروسى الرئيسى فى محاولة للاحتفاظ بالأرض التى استولوا عليها داخل روسيا، والتى تُقدر بما يزيد قليلًا على 300 كيلومتر مربع.
فى كل الحالات يمكننا القول إن الأسابيع المقبلة حاسمة فى معركة كورسيك.. ومن اليوم وحتى الشتاء الذى يبدأ فى نوفمبر ربما تظهر بوادر نهاية لهذه الحرب الطاحنة قبل البيات الشتوى فى أحضان الثلوج.

التعليقات