ما الذى يجمع بين حجاب كاميليا شحاتة زوجة كاهن دير مواس، ومايوه ليلى محمد البرادعى ابنة المدير المصرى السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية؟
كلاهما شأن شخصى، اختارت كاميليا أن تتحول من المسيحية إلى الإسلام، وارتدت ليلى مايوه سباحة على أحد شواطىء أوروبا.
ثار نفر من الأقباط ضد إسلام كاميليا، وتظاهروا فى الكاتدرائية، ورفعوا لافتات يطالبون فيها الرئيس مبارك، بإعادتها إلى دينها، ورد المسلمون بمظاهرات وعرائض إلى الرئيس يطالبونه فيها «بتحرير» كاميليا من أيدى خاطفيها.
ومنحت صور ليلى البرادعى بالمايوه صحف النميمة وبرامج الـ «هرتلة شو» فرصة ذهبية للصياح، فبكى بعضهم على شرف مصر المسكوب تحت أقدام صبية، يحلم أبوها ـ الذى لم يحسن تربيتها ـ بالتغيير، ويتطلع «ببجاحة» إلى المنافسة على منصب الرئاسة!
كما ترى، فقد تحول الشخصى إلى عام، وبدلا من التأكيد على حق كاميليا المطلق فى اختيار عقيدتها، احتشد مئات الأقباط فى الكنيسة يطالبون الرئيس بالتدخل فى شأن هو بين العبد وربه، مهددين باللجوء إلى الجهات الدولية، وتحريك أقباط المهجر كى يضغطوا على النظام كما جرى قبل سنوات فى حالة وفاء قسطنطين، التى أجبرت على الدخول فى الدير عقابا لها على إسلامها، ولا يعرف أحد إن كانت على قيد الحياة أم لا؟.
أما ليلى فقد انتقلت صورها التى قيل إن إحدى صديقاتها وضعتها على الفيس بوك، من عالم المعلومات والواقع الافتراضى للشبكة العنكبوتية، إلى عالم الصحافة الصفراء وحاراتها العشوائية، مع تبريرات ساذجة، تؤكد أن الغرض من النشر هو فضح من قاموا بوضع الصور على الفيس بوك، ففضحوا الفتاة وألهبوا جسد أبيها بسوط عريها.
الذين يحسنون الظن بى ويتابعون ما أكتب، يعرفون أننى لست داعية تطرف، وأننى كتبت كثيرا منتقدا التمييز ضد الأقباط، وقلت بوضوح إن الأغلبية المسلمة مسئولة عن طمأنتهم، ودفع الشعور بالاضطهاد عنهم، ورفضت تعبير عنصرى الأمة، فالمصريون برأيى عنصر واحد، دخل بعضهم فى الإسلام، وبقى آخرون على مسيحيتهم، وهذا اختيار يحترمه الإسلام بنص القرآن «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».
كما أننى ــ مع التقدير الكامل لشخص الدكتور البرادعى ومكانته الدولية ــ لاأرى خيرا كثيرا فى اللهاث خلفه، ولاأظن أنه البديل المناسب لحكم مصر، الذى يمكنه أن يلبى أشواق الناس للتغيير، ورغبتهم فى حياة أفضل، أما تفصيل ذلك فشرحه يطول.
السطور السابقة ضرورية كى أقول لك إننى فى الحالتين، أدافع عن قيمة الحرية وحق الإنسان فى الاختيار، عن «أحلام ليلى وكاميليا»، التى لاتنفصل عن أحلامنا بوطن حر يعيش فيه مواطنون أحرار، متساوون فى الحقوق والواجبات، لافضل فيه لكبير على صغير، ولالمسلم على مسيحى، ولا لوزير على غفير، إلا بالعمل لصالح الوطن ورفعة شأنه.
لهذا أرى أن البابا يرتكب خطأ كبيرا حين يعمد فى كل مناسبة إلى تأكيد البعد السياسى لمنصبه الدينى، وحين يتجاوز بتعبير
« شعب الكنيسة» دلالته الدينية إلى آفاق دنيوية، ويخطىء نفر من الأقباط حين يستقوون بالخارج، ويحتمون بمظلة الكنيسة، فيكرسون عزلتهم، بعيدا عن مشاكل الوطن وشواغله.
ويخطىء النظام، حين يسمح بأن تتحول الكنيسة إلى دولة داخل الدولة، وأن يصبح البابا رئيسا لشعبه، لاواحدا من الرعية، ويقايض بدعمه للتوريث على مستقبل البلد، التى توشك أن تنزلق إلى الفتنة.
لتلبس كاميليا الحجاب، ولتلبس ليلى المايوه، وليلزم البابا كنيسته.